للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فراهة الأعوجيّ إن جرى، وتذكر فضيلة ابن السّري إذا سرى، فأمّا الاقتصار على عظم باد، والانتظار لعين عدمت السواد، فخطأ من القائل، وخطل عند العاقل، ولله در أخيك من مغمض طرف التطرف، قارئ أدب الصحبة على السبعة الأحرف، كرع في أعزّ مورد، وتواضع في شرف مولد، وسما بنفسه عن أن يستخفه نسب يرفعه، وحسب ما منّا أحد يدفعه، وكذلك الكرام يرون عليهم حقّاً، ويتوقّون من لم يكن من الكبر موقّى، ولعهدي به وظلّ الثروة بارد (١) ، وشيطان الشبيبة مارد، وبشره في الملمات يرفّ، وقدمه إلى الحاجات تخفّ، يصون عرضه بماله، ويخفي صدقة يمينه عن شماله، ويقسّم جسمه في جسوم (٢) ، ويقوم بالحقوق غير ملول ولا ملوم، تلك المكارم لا قعبان (٣) ، وما تستوي البدنة المهيضة م غيرها في القربان، وعرضت بذكر العصر الخالي، والقصر العالي، وظل من فنن وريق، وعيش مع أكرم فريق، وما تذكر من زمن تولّى؛ وعهد على أن لا يعود تألّى، فارقناه أحسن ما كان، وودعنا به الأطيبين الزمان والمكان، فعفت الرسوم، وأفلت تلك النجوم، ورمتنا عن قوسها الروم، ثمّ خلفتنا في المغاني، وقسمتنا بين الأسير والعاني، فأودى القلّ والكثر، واشتفى من الإسلام الكفر، فكم كأس أنس أرقناه، ومنزلٍ فرقة الأبد فارقناه، وذكرت اجتيازك بين العلمين (٤) ، وقطعك متن اليمّ في يومين، وأنّك انتقلت من ذوات الألواح، إلى عذبات الأدواح، ومن متهافت الشّراع، إلى منابت اليراع، ومن سكنى بيت السكان، إلى منزل به الفلاح والملاح يشتركان، حيث اجتمع الضّبّ والنون، وأينع التين والزيتون،


(١) ج: وارد.
(٢) من قول عروة بن الورد:
أقسم جسمي في جسوم كثيرة ... وأحسو قراح الماء والماء بارد (٣) من قول أمية بن أبي الصلت:
تلك المكارم لا قعبان من لبن ... شيباً بماء فعادا بعد أبوالا (٤) ج: العالمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>