للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين. أوتقول لوأن الله هداني لكنت من المتقين. أوتقول حين ترى العذاب لوأن لي كرة فأكون من المحسنين} (الزمر: ٥٦ - ٥٨) وفي ذلك قلت:

أعشاق غير الواحد الأحد الباقي ... جنونكم والله أعيا على الراقي

جننتم بما يفنى وتبقى مضاضة ... تعذب بين البين مهجة مشتاق

وتربط بالأجسام نفساً حياتها ... مباينة الأجسام بالجوهر الراقي

فلا هي فازت بالذي علقت به ... ولا رأس مال كان ينفعها باقي

فراق وقسر وانقطاع وظلمة ... قني ابعد من نيل السعادة يا واقي

كأني بها من بعد ما كشف الغطا ... صريعة أحزان لديغة أشواق

تقلب كفيها بخيط موصل ... رشيقة قد دون سبعة أطباق

فلا تطعموها السم في الشهد ضلة ... فذلك سم لا يداوى بدرياق

بما اكتسبت تسعى إلى مستقرها ... فإما بوفر محسب أو بإملاق

وليس لها بعد التفرق حيلة ... سوى ندم يذري مدامع آماق

ولو كان مرمى الحزن منها إلى مدى ... لهان الأسى ما بين وخد وإعناق

فجدوا فإن الأمر جد، وشمروا ... بفضل ارتياض أوبإصلاح أخلاق

ولا تطلقوا في الحس ثني عنانها ... وشيموا بها للحق لمحة إشراق

ودسوا لها المعنى وريداً وأيقظوا ... بصيرتها من بعد نوم وإغراق

ومهما أفاقت فافتحوا لاعتبارها ... مصاريع أبواب وأقفال أغلاق

وعاقبة الفاني اشرحوا وتلطفوا ... بأخلاقها المرضى تلطف إشفاق

فإن سكرت واستشرفت عند سكرها ... لماهية المسقى ومعرفة الساقي

أطيلوا على روض الجمال خطورها ... إلى أن يقوم الوجد فيها على ساق

وخلوا لهيب الشوق يطوي بها الفلا ... إلى الوجد في مسرى رموز وأذواق

فما هو إلا أن تحط رحالها ... بمثوى التجلي والشهود بإطلاق

<<  <  ج: ص:  >  >>