للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من بعد ظهرها، وكان ممّن أفلت منهم عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان، وكان قومه يتحيّنون له ملكاً بالمغرب، ويرون فيه علامات لذلك يأثرونها عن ملمة بن عبد الملك (١) ، وكان هو قد سمعها منه مشافهة، فكان يحدّث نفسه بذلك، فخلص إلى المغرب، ونزل على أخواله نفزة من برابرة طرابلس، وشعر عبد الرحمن بن حبيب، وكان قد قتل ابني الوليد بن يزيد بن عبد الملك لمّا دخلا إفريقية، فلحق بمغيلة، وقيل: بمكناسة، وقيل: بقوم من زناتة، فأحسنوا قبوله، واطمأن فيهم، ثم لحق بمليلة، وبعث بدراً مولاه إلى من بالأندلس من موالي المروانيين وأشياعهم، فاجتمع بهم وبثّوا له في الأندلس دعوة، ونشروا له ذكراً، ووافق قدومه ما كان من الإحن بين اليمنية والمضريّة فأصفقت اليمنية على أمره لكون الأمر كان ليوسف بن عبد الرحمن الفهري وصاحبه الصّميل، ورجع بدر مولاه إليه بالخبر، فأجاز البحر سنة ثمان وثلاثين ومائة في خلافة أبي جعفر المنصور، ونزل بساحل المنكّب، وأتاه قوم من أهل إشبيلية فبايعوه، ثم انتقل إلى كورة ريّة فبايعه عاملها عيسى بن الصباح، ونهد إلى قرطبة فاجتمعت إليه اليمنية، ونمي خبره إلى والي الأندلس يوسف بن عبد الرحمن الفهري، وكان غازياً بجلّيقية، فانفضّ عسكره، ورجع إلى قرطبة، وأشار عليه وزيره الصّميل بن حاتم بالتلطّف له، والمكر به، لكونه صغير السن، حديث عهدٍ بنعمة، فلم يتم ما أراده (٢) ، وارتحل عبد الرحمن من المنكّب، فاحتلّ بمالقة فبايعه جندها، ثم برندة (٣) ، ثم بشريش كذلك، ثم بإشبيلية، فتوافت إليه جنود الأمصار، وتسايلت المضرية إليه، حتى إذا لم يبق مع يوسف بن عبد الرحمن غير الفهرية والقيسية


(١) سيورد المقري من بعد طرفاً من هذه الأخبار عن مسلمة.
(٢) ابن خلدون: فلم يتم له مراده.
(٣) زاد ابن خلدون: فبايعه جندها.

<<  <  ج: ص:  >  >>