الزمر:٥٦ وتنادي أخرى " هل إلى مرد من سبيل " الشورى: ٤٤ وتستغيث أخرى " يا ليتنا نرد فنعمل غير الذي كنا نعمل " الأعراف:٥٣ وتقول أخرى " رب ارجعون " المؤمنون:٩٩ فرحم الله من نظر لنفسه، قبل غروب شمسه، وقدم لغده من أمسه، وعلم أ، الحياة تجر إلى الموت، والغفلة تقود إلى الفوت، والصحة مركب الألم، والشبيبة سفينة تقطع إلى ساحل الهرم.
وإن شاء قال بعد الخطبة: إخواني، ما هذا التواني، والكلف بالوجود الفاني عن الدائم الباقي والدهر يقطع الأماني، وهاذم اللذات قد شرع في نقض المباني ألا معتبر في عالم هذه المعاني ألا مرتحل عن مغابن هذه المغاني
ألا أذن تصغي إلي سميعة ... أحدثها بالصدق ما صنع الموت
مددت لكم صورتي فأواه حسرة ... على ما بدا منكم فلم يسمع الصوت
هوالقدر الآتي على كل أمة ... فتوبوا سراعاً قبل أن يقع الفوت يا كلفاً بما لا يدوم، يا مفتوناً (١) بغرور الوجود المعدوم، يا صريع جدار الأجل المهدوم، يا مشتغلاً ببنيان الطرق قد ظهر المناخ وقرب القدوم، يا غريقاً في بحار الأمل ما عساك تعوم، يا معلل الطعام والشراب ولمع السراب، لا بد أن تهجر المشروب وتترك المطعوم. دخل سارق الأجل بيت عمرك فسلب النشاط وأنت تنظر، وطوى البساط وأنت تكرب، واقتلع جواهر الجوارح وقد وقع بك النهب، ولم يبق إلا أن يجعل الوسادة على أنفك ويقعد:
لو خفف الوجد عني ... دعوت طالب ثاري {كلا إنها كلمة هوقائلها}(المؤمنون: ١٠٠) كيف التراخي والفوت مع الأنفاس ينتظر كيف الأمان وهاجم الموت لا يبقي ولا يذر كيف الركون إلى الطمع الفاضح وقد صح الخبر من فكر في كرب الخمار تنغصت عنده