للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعباد، والعارفون والأوتاد، والأنبياء الذي يهدي بهم العباد، عن سبب الشقاء الذي لا سعادة بعده، فلم يجدوا إلا البعد عن الله تعالى، وسببه حب الدنيا لن تجتمع أمتي على ضلالة:

هجرت حبائبي من أجل (١) ليلى ... فما لي بعد ليلى من حبيب

وماذا أرتجي من وصل ليلى ... ستجزي بالقطيعة عن قريب وقالوا: ما أورد النفس الموارد وفتح عليها باب الحتف إلا الأمل، كلما قومتها مثاقف الحدود فتح لها أركان الرخص، كلما عقدت صوم العزيمة أهداها طرف الغرور في أطباق: حتى، وإذا، ولكن، وربما، فأفرط القلب في تقبيلها حتى أفطر:

ما أوبق الأنفس إلا الأمل ... وهو غرور ما عليه عمل

يفرض منه الشخص وهماً ما له ... حال ولا ماض ولا مستقبل

ما فوق وجه الأرض نفس حية ... إلا قد انقض عليها الأجل

لو أنهم من غيرها قد كونوا ... لامتلأ السهل بهم والجبل

ما ثم إلا لقم قد هيئت ... للموت، وهوالآكل المستعجل

والوعد حق والورى في غفلة ... قد خودعوا بعاجل وضللوا

أين الذين شيدوا واغترسوا ... ومهدوا وافترشوا وظللوا

أين ذوو الراحات زادت حسرة ... إذ جنبوا إلى الثرى وانتقلوا

لم تدفع الأحباب عنهم غير أن ... بكوا على فراقهم وأعولوا

الله في نفسك أولى من له ... ذخرت نصحاً وعتاباً يقبل

لا تتركنها في عمى وحيرة ... عن هول ما بين يديها تغفل

حقر لها الفاني وحاول زهدها ... وشوقها إلى الذي تستقبل

وفد إلى الله بها مضطرة ... حتى ترى السير عليها يسهل


(١) ق: بعد.

<<  <  ج: ص:  >  >>