للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لسرعة الموت وأشد منها قلب القلب، ليت شعري لما يؤول الأمر

فوالله لا أدري أيغلبني الهوى ... إذا جد جد البين أم أنا غالبه

فإن أستطع أغلب وإن يغلب الهوى ... فمثل الذي لاقيت يغلب صاحبه مركب الحياة يجري في بحر البدن برخاء الأنفاس، ولا بد من عاصف قاصف بفلكه ويغرق الركاب:

فاقضوا مآربكم عجالاً إنما ... أعماركم سفر من الأسفار (١) وقال: كأنك بحرب التلف قد قامت على ساق، وانهزمت جنود الأمل، وإذا بملك الموت قد بارز الروح يجذبها بخطاطيف الشدائد من قنان العروق، وقد شد كتاف الذبيح، وحار البصر لشدة الهول، وملائكة الرحمة عن اليمين قد فتحوا أبواب الجنة، وملائكة العذاب عن اليسار قد فتحوا أبواب النار، وجميع المخلوقات تستوكف الخبر، والكون كله قد فاء على صيحة: سعد فلان، أوشقي فلان، فهنالك تنجلي أبصار الذين كانت أعينهم في غطاء عن ذكري، ويحك! تهيأ لتلك الساعة، حصل زاداً قبل الفوت:

تمتع من شميم عرار نجد ... فما بعد العشية من عرار مثل لعينيك سرعة الموت، وما قد عزمت أن تفعل حينئذ في وقت الأسر فافعله في وقت الإطلاق، وقال أبوالعتاهية (٢) :

خانك الطرف اتئد (٣) ... أيها القلب الجموح

فدواعي الخير والشر ... دنو ونزوح

كيف إصلاح قلوب ... إنما هن قروح


(١) البيت لأبي الحسن التهامي، من قصيدته " حكم المنية في البرية جاري "، ديوانه: ٢٨.
(٢) ديوان أبي العتاهية: ٩٧.
(٣) الديوان: الطموح.

<<  <  ج: ص:  >  >>