الذي مد من الرحمة على الأمة سجفا، وملأ قلوبها تعاطفاً وتعارفاً ولطفاً، القائل من أيقن بالخلف جاد بالعطية ووعد من عامل الله تعالى بربح المقاصد السنية، وعداً لا يجد خلفاً، والرضى عن آل وأصحابه الذين كانوا من بعده للإسلام كهفاً، وعلى أهله في الهواجر ظلاً ملتفاً، غيوث الندى كلما شاموا سماحاً وليوث العدى كلما شهدوا زحفاً، والدعاء لمقام أخوتكم الأسعد بالنصر الذيي يكف من عدوان الكفر كفاً، والمجد الذي لا يغادر كتابه من المفاخر التي ترك الأول للآخر حرفاً، وإلى هذا - أيدكم الله بنصر من عنده، وحكم لملككم الأسمى باتصال سعده، وأنجز في ظهوره على من عاند أمره سابق وعده - فإننا نقرر لدى مقامكم وإن كان الغني بأصالة عقله، عن اجتلاء الشاهد ونقله، وجلاء البيان وصقله، أن الهدايا وإن لم تحل العين منها كما حلت، أوتناولها الاتنزار فما نبهت في لحظ الاعتبار ولا جلت، أوكانت زيفاً كلما أغري بها الاختبار قلت، لا بد أ، تترك في النفوس ميلاً، وأن تستدعي من حسن الجزاء كيلاً، وأن تنال من جانب التراحم والتعاطف نيلاً، وأي دليل أوضح محجة، وأبين حجة، من قوله صلى الله عليه وسلم تهادوا وتحابوا من غير تبيين مقدار، ولا إعمال اعتبار، ولا تفرقة بين لجين ولا نضار. فكيف إذا كانت الهدية فلذة الكبد التي لا يلذ العيش بعد فراقها، ولا تضيء ظلم الجوانح إلا بطلوع شمسها وإشراقها، وجمع الشمل الذي هوأقصى آمال النفوس الآلفة، والبواطن المصاحبة للحنين المحالفة، لا سيما إذا اقتعدت محل الهناء، بالفتح الرائق السناء، وحفت بها من خلفها وأمامها صنائع البر وقومة الاعتناء، فهنالك تفخر ألسن الثناء، وتتطابق أعلام الشكر السامية البناء.
وإننا ورد علينا كتبكم الذي سطره البر وأملاه، وكنفه اللحظ وتولاه، ووشحه البيان وحلاه، مهنئاً بما منح الله جل لجاله من رد الحق، وتعيين الجمع ورفع الفرق، وتطويق الأمان وأمان الطوق، وإسعاد السعد