كتبه إليك يا رسول الله - واليراع تقتضي الهيبة صفرة ونه، والمداد يكاد أن يحول سواد جونه، وورقة الكتاب يخفق ؤادها حرصاً على حفظ اسمك الكريم وصونه، والدمع يقطر به الحروف وتفصل الأسطر، وتوهم المثول، بمثواك المقدس لا يمر بالخاطر سواه ولا يخطر، عن قلب بالبعد عنك قريح، وجفن بالبكاء جريح، وتأوه عن تبريح، كلما هب من أرضك نسيم ريح، وانكسار ليس له إلا جبرك، واغتراب لا يؤنس فيه إلا قربك، وإن يقض فقبرك، وكيف لا يسلم في مثلها الأسى، ويوحش الصباح والمسا، ويرجف جبل الصبر بعدما رسا، لولا لعل وعسى، فقد سارت الركبان إليك ولم يقض مسير، وحومت الأسراب عليك والجناح كسير، وعدت الآمال فاخلفت، وحلفت العزائم فلم تف بما حلفت، ولم تحصل النفس من تلك المعاهد ذات الشرف الأثيل، إلا على التمثيل، ولا من المعالم المتمسة التنوير، إلا على التصوير، مهبط وحي الله تعالى ومتنزل أسمائه، ومتردد ملائكة سمائه، ومدافن أوليائه، وملاحد أصحاب خيرة أنبيائه، رزقني الله تعالى الرضى بقضائه، والصبر على جاحم البعد ورمضائه - من حمراء غرناطة حرسها الله تعالى دار ملك الإسلام بالأندلس قاصية سيلك، ومسحبة رجلك يا رسول الله وخيلك، وأنأى مطارح دعوتك ومساحب ذيلك، حيث مصاف الجهاد في سبيل الله وسبيلك قد ظللها القتام، وشهبان الأسنة أطلعها منه الإعتام، وأسواق بيع النفوس من الله تعالى قد تعدد بها الأيامى والأيتام، حيث الجراح قد تحلت بعسجد نجيعها النحور، والشهداء نتحف بها الحور، والأمم الغريبة قد قطعها عن المدد البحور، حيث المباسم المفترة، تجلوها المصارع البرة، فتحييها بالعراء ثغور الأزاهر، وتندبها صوادح الأدواح برنات تلك المزاهر، وتحلي السحاب أشلاءها المعطلة من ظلها بالجواهر، وحيث الإسلام من عدوه المكايد بمنزلة