للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وينثر بضائع الصلاة عليك بين يدي الضريح الذي طواك، ويعرض جنى ما غرست وبذرت، ومصداق ما بشرت به لما بشرت وأنذرت، وما انتهى إليه طلق جهادك، ومصب عهادك، لتقر عين نصحك التي أنام العيون الساهرة هجوعها، وأشبع البطون، ورواها ظمؤها في الله تعالى وجوعها، وإن كانت الأمور بمرأى من عين عنايتك، وغيبها متعرف بين إفصاحك وكنايتك، ومجمله يا رسول الله صلى الله عليك، وبلغ وسيلتي إليك، هوا، الله سبحانه لما عرفني لطفه الخفي في التمحيص، المقتضي عدم المحيص، ثم في التخصيص، المغني بعيانه عن التنصيص، وفق ببركاتك السارية رحماتها في القلوب، ووسائل محبتك العائدة بنيل المطلوب، إلى استفادة عظة واعتبار، واغتنام إقبال بعد إدبار، ومزيد استبصار، واستعانة بالله تعالى وانتصار، فسكن هبوب الكفر بعد إعصار، وحل مخنق الإسلام بعد حصار، وجرت على سنن السنة بحسب الاستطاعة والمنة السيرة، وجبرت بجاهك القلوب الكسيرة، وسهلت المآرب العسيرة، ورفع بيد العزة الضيم، وكشف بنور البصيرة الغيم، وظهر القليل على الكثير، وباء الكفر بخطة التعثير، واستوى الدين الحنيف على المهاد الوثير، فاهتبلنا يا رسول الله غرة العدو وانتهزناها، وشمنا صوارم عزة الغدووهززناها، وأزحنا علل الجيوش وجهزناها.

فكان مما ساعد عليه القدر، والخطب المبتدر، والورد الذي حسن بعده الصدر، أننا عاجلنا مدينة برغه (١) ، وقد جرعت الأختين مالقة ورندة، من مدائن دينك، ومزابن ميادينك، أكواس الفراق، وأذكرت مثل من بالعراق، وسدت طرق التزاور عن الطراق، وأسألت المسيل بالنجيع المراق، في مراصد المراد والمراق، ومنعت المراسلة مع هدير الحمام، لا بل مع طيف المنام عند الإلمام، فيسر اله تعالى اقتحامها، وألحمت بيض الشفار


(١) برغه (Burgo) بين مالقة ورندة.

<<  <  ج: ص:  >  >>