الحصول، دونه بيض النصول، إلا ما كان من الغرض الذي بان فيه بعد الجد الفتور، وعدل عنه وقد أخذ الدستور، وتيسرت الأمور، وتقررت الإيمان والنذور، فإنه عرض قريب وسفر قاصد (١) ، ومسعى لا ينفق فيه سيدي من ماتله درهم واحد، ووطن لحركته راصد، لا يمنع عليه أهله، ولا يستصعب سهله، وأميره جبره الله تعالى يتطارح في تعيينكم لاقتضائه، وإحكام آرائه، وتأمين خائفه، واستقدام أصنافه وطوائفه، وتتحركون حركة العز والتنويه، والقدر النبيه، لا يعوزكم ممن وراءكم مطلب، ولا يلفى عن مخالفتكم مذهب، ولا يكدر لكم مشرب.
وتمر أيام وشهور، وتظهر بطون للدهر وظهور، وتفتح أبواب، وتسبب أسباب، من رجوع يتأتى بعد السكون والفتور، وقد سكنت الخواطر وتنوعت الأمور، أومقام تمهد به البلاد، ويعمل في ترتيب الصلة الحسنة الاجتهاد، وتستغرق في هذا الغرض الآماد، ويتأتى أن حدث وتراكم حادث الاستقلال والاستبداد، تتهنأ فيه الأعمار، ويكون لمن ينتقل به على الشرق والغرب الخيار، أوالتحكم في ذخيرة سما منها المقدار، وذهل عند مشاهدتها الاعتبار، وخزانة الكتب بجملتها وفيها الأمهات الكبار، قد تجافت عنها الحاجة وعدم إليها الاضطرار، والربع الذي يسوغ بالشرع والعقار، فهذا كله حاصل، وثم ضامن لا يتهم وكافل، وعهود صبغها غير ناصل.
وبالجملة فالوطن لأغراض الملك جامع، ولمقاصده من المقام أوالانتقال مطيع وسامع، وإن توقع إثارة فتنة، أوارتكاب إحنة، فالأمر أقرب، وحاله المتيسر أغرب، وهذه الحجة في تلمسان غير معتبرة، وأجوبتها مقررة، وقدوم رسول الطاغية وإعانته تحصل في الغالب، على هذه المطالب، وبالجملة فالدنيا
(١) من الآية الكريمة (التوبة: ٤٢) " لو كان عرضاً قريباً وسفراً قاصداً لاتبعوك ".