وقال وقد لبس منصورية من النوع الذي يقال له قلب حجر، والمنصورية: نوع لبس معروف بالمغرب استخرجه السلطان المذكور وأضافه إلى اسمه:
وصفوا اشتياقي للحبيب وسرّهم ... قول الحبيب أنا أنا فيه
قلبي له حجر، فقلت مغالطاً ... للعاذل المؤذي أنا فيه قال: وفي هذين البيتين عدة من المحسنات غير التعمية: منها جناس التركيب المسمى بالملفق، وحدّه: بأن يكون كل من الركنين مركباً من كلمتين، وهذا هو الفرق بين الملفق وبين المركب، وقلّ من فرق بينهما، ومنها الانسجام، ومنها الاستخدام. وعهدي بالفقيه علي بن منصور الشيظمي تعرض إلى شرحهما بكراسة. والتعمية في هذين البيتين بالعمل (١) الحسابي وهو كثير، إلاّ أن هذا العمل أحسبني أبا عذرته إذ لم أره لغيري، ومادة التعمية فيه أنا أنافيه، قلبي له حجر فقولي أنا أنافيه معناه أن تضرب أنا في هـ، وقولي في هـ نص في الضرب، ويخرج من هذا مائتان وستون عدد حروف هيماني وحقّك، وقولي قلبي له حجر بعمل القلب يصير رجح فصار المجموع " هيماني وحقّك يرجح "، وفيه التورية، وهيماني وحقك الخارج من هذا الضرب فيه تهكم بالواشي، فهو من المحسنات أيضاً، أعني قوله وحقّك، ويصلح أن تسمى هذه التعمية بالافتنان، لأن الافتنان عندهم: أن يفتن الشاعر فيأتي بفنّين متضادين من فنون الشعر في بيت واحد، وهذا وقع التضاد فيه في كلمة واحدة، فظاهر " أنا أنافيه " يضاد " هيماني " وحقّك يرجح الذي يخرج بطريق الحساب، فافهمه، ويمكن استخراج تعمية أخرى من قولي للعاذل المؤذي " أنا فيه "؛ انتهى.