كلّما أترع كأساً قال ما ... أنت بالشاري حياة الأنفس
فابذل الجهد وكن مغتنما ... لنفيس النفس طيب الأنفس
فرص الأيام كن منتهزاً ... مبتداها قبل حذف الخبر
ورحاب الأنس لج منتجزاً ... قبل أن تمضي كلمح البصر
واجن من زهر الهوى محترزاً ... من جنايات هجوم الكبر
لا تخف لوماً ويمم حيثما ... لاحت اللّذات كالمختلس
ما مضى أنس ووافى مثلما ... كان ذا الدهر لنا بالحرس
للرياض اذهب ترى بلبلها ... لاشتياق الورد مثل الثّكل
وخدود الورد قد كللها ... دمع طلٍّ لاشتياق البلبل
وقدود البان قد قام لها ... مانع الوصل بحدّ الأسل
والربى فاحت تحاكي خدما ... وعليهن ثياب السندس
جيبها زرّر بالزهر كما ... زرّ بالفضة ثوب الأطلس
وجلا الروض لنا أشجاره ... مائساتٍ في قباء أخضر
وترى في جيدها نوّاره ... يتلالا كعقود الجوهر
خلع الليل به أطماهره ... فغدا كالصبح باهي المنظر
وبقاياه زهت فيه أما ... في شفاه الغيد حسن اللّعس
كعذار في محيّا علّما ... فبدا للغير لا الملتمس
حبّذا الصبوة أيام الصّبا ... وعيون الشيب في سهو الوسن
فإذا أيقظها دهرٌ صبا ... لصروف حد شفريها وسن
جرّد الشيب لنا بيض الشّبا ... واقتفى شرخ شبابٍ وطعن