للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الإحاطة (١) : نشأ على عفاف وطهارة، وبر وصيانة، وبلغ الغاية في جودة الخط، وارتسم في كتّاب الإنشاء عام أربعة وثلاثين وسبعمائة، مع حسن سمت، وجودة أدب وخط، وظهور كفاية، يقيد ولا يفتر (٢) ، ويروي الحديث مع الطهارة والنزاهة، مليح الدعابة، طيب الفكاهة، شرق وحج وتطوف وقيد واستكثر ودون رحلة سفره، وناهيك بها طرفة، وقفل لإفريقية، وخدم بعض ملوكها، وكتب ببجاية، ثم خدم سلطان المغرب أبا الحسن، ثم كتب عن صاحب بجاية، ثم تنزه عن الخدمة، وانقطع بتربة الشيخ أبي مدين مؤثر الخمول، ذاهباً مذهب العكوف بباب الله تعالى، حجّة على أهل الحرص والتهافت، ثم جبر على الخدمة عند أبي عنان، ثم أفلت عند موته فلحق بالأندلس، وتلقّيَ ببرّ وتنويه وعناية، وولي القضاء بقرب الحضرة، وهو الآن من صدور القطر وأعيانه، متوسط الاكتهال، روى عن مشيخة بلده واستكثر، وأخذ في رحلته عن ناس شتى، وألف تواليف منها إيقاظ الكرام بأخبار المنام وجزء في بيان الاسم الأعظم كثير الفائدة، ونزهة الحدق في ذكر الفرق وكتاب اللباس والصحبة في جمع طرق المتصوفة المدعي أنّه لم يجمع مثله، وجزء في الفرائض على الطريقة البديعة التي ظهرت بالمشرق، وجزء في الأحكام الشرعية سمّاه بالفصول المقتضبة في الأحكام المنتخبة ورجز في الجدل، ورجز صغير في الحجب والسلاح، ورجز صغير سمّاه بمثالث القوانين في التورية والاستخدام والتضمين، مولده بغرناطة سنة ثلاث عشرة وسبعمائة، وامتحن بالأسر مع جماعة بعد قتال عام ثمانية وستين، ثمّ فكّه الله تعالى؛ انتهى ملخصاً.

وأخذ عنه جماعة كالقاضي أبي بكر ابن عاصم صاحب التحفة وغيره، وهو من الأدباء المكثرين، وكان عندي بالمغرب مجلد من رحلته التي بخطّه،


(١) الإحاطة ١: ١٩٣ والمقري ينقل ملخصاً.
(٢) الإحاطة: وهو في أثناء هذه الحال يقيد ولا يفتر.

<<  <  ج: ص:  >  >>