للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هل كان إلاّ حياً تحيا العباد به ... هل كان إلاّ قذىً في عين ذي عور

إن قال قولاً ترى الأبصار خاشعةً ... لما يخبّر من وحيٍ ومن أثر

يا لهف قلبي لو قد كنت حاضره ... غداة جرّعه أدهى من الصبر

لما تركت له شلواً بمضيعة ... ولا تولّى صريع الناب والظّفر

وكان ما كان ممّا لست أذكره ... فظنّ خيراً ولا تسأل عن الخبر وإن سأل سائلٌ عن الخبر الذي ألمعنا بذكره، وضمّنّا هذا البيت ذرواً (١) من فظيع أمره، فذلك عندما نسب صاحب الأمر إليه ما راب، وتلّه وابنيه للجبين معفّرين بالتراب، وصدمه في جنح الليل والمصحف بين يديه يتوسل بآياته، ويتشفّع بعظيم بركاته، فأخذته السيوف، وتعاورته الحتوف، وأذهبه سليباً قتيلاً، مصيّراً مصراع منزله كثيباً مهيلاً، وكنا على بعد من هذه الآزفة التي أورثت القلوب شجناً طويلاً، وذكّرتنا بعناية مولانا الجد الغني بالله لجانبه أعظم ذكرى، فأغرينا برثائة خلداً وفكرا، وارتجلنا عند ذكره الآن هذه الأبيات إشارةً مقنعة، وكناية في السلوان مطمعة، وأرضينا بالشفقة أو داءه، وأرغمنا بتأبينه أعداءه، ولما تبلج الصبح لذي عينين، وتلقينا راية الفرج بالراحتين، عطفتنا على أبنائه عواطف الشفقة، وأطلقنا لهم ما عاثت الأيدي عليه صلةً لرحمٍ طالما أضاعها من جهل الأذمّة، وأخفر عهود تخدّمه لمن سلف من الأئمة، وصرفنا للبحث والتفتيش وجوه آمالنا، وجعلنا ضمّ ما نثرته الحوادث من منظوماته من أكيد أعمالنا، وكان تعلّق بمحفوظنا جملة وافرة من كلامه، مشتملة على ما راق وحسن من نثاره ونظامه، فأضفنا ذلك إلى ما وقع عليه اجتهادنا من رقاعه الحائلة المنتهبة بأيدي النوائب، الدائرة المستلبة بتعدي النواصب، فخلص من الجملة قلائد عقيان، وعقود در ومرجان، ترتاح


(١) ذرواً طرفاً؛ وفي ق: دراً.

<<  <  ج: ص:  >  >>