للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأخبر أنّه وجد بركته في غير موطن، فسألته عمّا بدا له في وقت (١) ، فقال لي: وحق ما أنزل على موسى بن عمران ما أذكر لك إلا ما اتفق لي، سريت ليلة مع قافلة في مفازة، فعجرت دابتي، فما شككت في قتلي وسلب مالي، فجلست وبكيت، وبيني وبين الناس بعد، وقلت: يا سيدي أبا العباس، خاطرك، قال لي: والله ما أتممت الكلام إلاّ وأهل القافلة أصابهم سبب وقفوا به، وضربت دابتي، وخف عرجها، ثم زال، واتصلت بالناس، فقلت له: لم لم تسلم فقال: حتى يريد الله تعالى، وعجبت من كون ذلك من يهودي، وهذه شهادة من عدوّ في الدين. ولقد وقفت على قبره مرات، وسألت الله تعالى في أشياء يسّر لي فيها سؤلي: منها أن أكون ممّن يشتغل بالعلم ويوصف به، وأن ييسر عليّ فهم كتب عينتها، فيسر الله تعالى عليّ ذلك في أقرب مدّة. وكان السبتي آية في أحواله، ما أدرك صحبته إلاّ الخواص من الناس، وكان أصل مذهبه الحض على الصدقة، وكان أمره عجباً في إجابة الدعاء بنزول المطر، واختصاصه بمكان دون آخر، وقال لأصحابه: أنا القطب، وكان تفقّه على أبي عبد الله الفخار، ووقفت على قبره، وله بركات وأنوار. وكان السبتي آية في المناظرة، وأوذي باللسان كثيراً جدّاً فصفح وتجاوز.

ورأى (٢) عبد الرحمن بن يوسف الحسني النبي صلى الله عليه وسلّم في النوم، فقال له: يا رسول الله، ما تقول في السبتي قال: وكنت سيىء الاعتقاد فيه، فقال لي بعد أن تبسّم: هو من السّبّاق، قال: فقلت بيّن لي يا رسول الله، فقال: هو ممّن يمر على الصراط كالبرق، قال: فخرجت بعد الصبح، فلقيني أبو العباس، فقال لي: ما رأيت وما سمعت والله لا تركتك (٣) حتى


(١) أنس الفقير: عما رأى له في أقرب وقت.
(٢) ما يزال النقل مستمراً عن أنس الفقير.
(٣) ق: لا أتركنك.

<<  <  ج: ص:  >  >>