الإصر والعتاب: هذا آخر ما سمح به الخاطر الكليل، من هذا المقصد الجليل، الذي يكون إلى ما وراءه من الطّرف الأدبية خير دليل، ووضعته والقلب حليف شجن وغربة، والفكر أليف حزن وكربة، وأنا أسأل الله تعالى الذي لا يرجى سواه، أن يجعل بناءه ثابتاً بحسن النية حيث البناءس الذي فيه حظ النفس واه، وأن يكون ما جلبته فيه من الهزل بالجد المذكور فيه مكفراً، وأن ينفع به من وجّه إليه وجهته، فإني قد جمعت فيه ما يندر جمعه في غيره وكل الصيد في جوف الفرا.
يا من عليه اتكالي ... ومن إليه متابي
جد لي بعفوك عنّي ... إذا أخذت كتابي واعلم أن هذا الكتاب معين لصاحب الشعر، ولمن يعاني الإنشاء والنثر من البيان السحر، وفيه من حكايات الأولياء والعلماء، ما نظمت في لبة السطور منه السلوك. وفيه من الوعظ والاعتبار، ما لم ينكره المنصف عند الاختبار، وكفاه أنه لم ير مثله في فنه فيما علمت، ولا أقوله تكية له، ويعلم الله تعالى أني تبرأت من هذا العارض ومنه سلمت، ولو لم يحز من الشرف إلاّ ختمه بهذه الأمداح النبوية الشريفة، ذات الظلال الوريفة، لكان كافياً شافياً، وها أنا أجعل آخره تنبيهاً للّبيب، قول ابن حبيب:
يا خير مبعوث له طلعة ... نور الهدى منها أقرّ العيون
جئت إلى ناديك أرجو القرى ... من غيث كفّيك المغيث الهتون
كن لي شفيعاً فارتكاب الهوى ... أوقعني بين الشّجا والشجون
صلّى عليك الله سبحانه ... ما هزّت الريح قدود الغصون وقول النواجي:
لقد أفرطت في حسن ابتداء ... ورمت تخلّصي يوم الزحام