للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنهم بنو جهور، كانوا بقرطبة في صورة الوزارة، حتى استولى عليهم المعتمد بن عبّاد، وأخذ قرطبة، وجعل عليها ولده، ثم كانت له وعليه حروب وخطوب، وفرق أبناءه على قواعد الملك، وأنزلهم بها، واستفحل أمره بغرب الأندلس، وعلت يده على من كان هنالك من ملوك الطوائف، مثل ابن حبّوس (١) بغرناطة، وابن الأفطس ببطليوس، وابن صمادح بالمريّة، وغيرهم، فكانوا يخطبون سلمه، ويغلون (٢) في مرضاته، وكلهم يدارون الطاغية ويتّقونه بالجزى، إلى أن ظهر يوسف بن تاشفين، واستفحل ملكه، فتعلّقت آمال الأندلس بإعانته، وضايقهم الطاغية في طلب الجزية، فقتل المعتمد اليهوديّ الذي جاء في طلب الجزية للطاغية، بسبب كلمة آسفه بها، ثم أجاز البحر صريخاً إلى يوسف بن تاشفين، فأجاز معه البحر، والتقوا مع الطاغية في الزلاّقة، فكانت الهزيمة المشهورة على النصارى، ونصر الله تعالى الإسلام نصراً لا كفاء له، حتى قال بعض المؤرخين: إنّه كان عدد النصارى ثلاثمائة ألف، ولم ينج منهم إلاّ القليل، وصبر فيها المعتمد صبر الكرام، وكان قد أعطى يوسف بن تاشفين الجزيرة الخضراء ليتمكن من الجواز متى شاء، ثم طلب الفقهاء بالأندلس من يوسف بن تاشفين رفع المكوس والظلامات عنهم، فتقدّم بذلك إلى ملوك الطوائف، فأجالوه بالامتثال، حتى إذا رجع من بلادهم رجعوا إلى حالهم، وهو خلال ذلك يردّد عساكره للجهاد، ثمّ أجاز إليهم وخلع جميعهم، ونازلت عساكره جميع بلادهم، واستولى على قرطبة وإشبيلية وبطليوس وغرناطة وغيرها، وصار المعتمد بن عبّاد كبير ملوك الأندلس في قبضته أسيراً بعد حروب، ونقله إلى أغمات قرب مراكش سنة أربع وثمانين وأربعمائة، واعتقله هنالك إلى أن مات سنة ثمان وثمانين، وسنلمّ بما قاله الوزير لسان الدين بن الخطيب فيه حين زار قبره.


(١) في الأصول: ابن باديس.
(٢) ويغلون: سقطت من ق؛ وفي ج ط: ويعلون.

<<  <  ج: ص:  >  >>