للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمم من لدن عهد موسى النبيّ، صلى الله على نبيّنا وعليه وسلّم، وفيه من المباني الأولية والآثار العجيبة لليونانيين ثمّ للروم والقوط والأمم السالفة ما يعجز الوصف، ثم ابتدع الخلفاء من بني مروان - منذ فتح الله عليهم الأندلس بما فيها - في قصرها البدائع الحسان، وأثروا فيه الآثار العجيبة، والرياض المونقة (١) ، وأجروا فيه المياه العذبة المجلوبة من جبال قرطبة على المسافات البعيدة، وتموّنوا المؤن الجسيمة حتى أوصلوها إلى القصر المكرّم (٢) ، وأجروها في كل ساحة من ساحاته وناحية من نواحيه في قنوات الرّصاص تؤديها منها إلى المصانع صورٌ مختلفة الأشكال من الذهب الإبريز والفضّة الخالصة والنحاس المموّه إلى البحيرات الهائلة والبرك البديعة والصهاريج الغريبة في أحواض الرخام الرومية المنقوشة العجيبة.

قال: وفي هذا القصر القصاب العالية السمو، المنيفة العلو، التي لم ير الراؤون مثلها في مشارق الأرض ومغاربها.

قال: ومن قصوره المشهورة، وبساتينه المعروفة: الكامل، والمجدد، وقصر الحائر، والروضة، والزاهر، والمعشوق، والمبارك، والرشيق، وقصر السرور، والتاج، والبديع.

قال: ومن أبوابه التي فتحها الله لنصر المظلومين، وغياث الملهوفين، والحكم بالحق، الباب الذي عليه السطح المشرف الذي لا نظير له في الدنيا، وعلى هذا الباب باب حديد، وفيه حلق لاطون (٣) قد أثبتت في قواعدها، وقد صورت صورة إنسان فتح فمه، وهي حلق باب مدينة أربونة من بلد الإفرنج، وكان الأمير محمد قد افتتحها، فجلب حلقها إلى هذا الباب، وله باب قبلي أيضاً، وهو المعروف بباب الجنان، وقدّام هذين البابين المذكورين على الرصيف


(١) ك: الأنيقة.
(٢) ك: الكريم، ق: الكرم.
(٣) لاطون (وبالإسبانية Laton) : الأصفر من الصفر (النحاس) .

<<  <  ج: ص:  >  >>