التي أمدت منها الأفوج بالأفواج، ونجن قعود، كدود على عود، ما بين فرادي وأزواج، وقد نبت بنا من القلق أمكنتنا، وخرست من الفرق ألسنتنا، وتوهمنا أنه ليس في الوجود، أغوار ولا نجود، إلا السماء والماء وذلك السفين، ومن في قبر جوفه دفين، مع ترقب هجوم العدو، في الرواح والغدو، لاجتيازه على عدة من بلاد الجرب، دمر الله سبحانه من فيها وأذهب بفتحها عن المسلمين الكرب، لاسيما مالطة الملعونة، التي يتحقق من خلص من معرتها أنه أمد بتأييد إلهي ومعونة، فقد اعرتضت في لهوات البحر الشامي شجا، وقل من ركبه فأفلت من كيدها ونجا، فزادنا ذلك الحذر، الذي لم يبق ولم يذر، على ما وصفناه من هول البحر قلقاً، وأجرينا إذ ذاك في ميدان الإلقاء باليد إلى التهلكة طلقاً، وتشتت أفكارنا فرقاً، وذبنا أسى وندماً وفرقاً، إذ البحر وحده لا كمى يقارعه، ولا قوي يصارعه، ولا شكل يضارعه، ولا يؤمن على حالٍ، ولا يفرق بين عاطل وحالٍ، ولا بين أعزل وشاكٍ، ومتباك وباكٍ:
ثلاثة ليس لها أمان البحر والسلطان والزمان
فكيف وقد انضم إليه خوف العدو الغادر الخائن، والكافر الحائن، إلى أن قضى الله بالنجاة ما أراد فهو الكائن، وإن نهى عنه وأخطأ المائن، فرأينا البر وكأنما قبل لم نره، وشفيت به أعيننا من المره، وحصل بعد الشدة الفرج، وشممنا من السلامة أطيب الأرج، فيا لها من نعمة كشفت عن وجهها النقاب، يقل شكراً لها صوم الأحقاب وعتق الرقاب، وجعلنا الله بآياته معتبرين، وعلى طاعته مصطبرين؛ ولم نخل في البر من معاناة خطوب، ومداراة وجوه للمتاعب ذات تجهم وقطوب، فكم جبنا منه مهامه فيحاً، ومسحنا