للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نسيم عليل، ونجيل الطرف في نهر صقيل، صافي لجين الماء، كأنّه مجرّة السماء، مؤتلق جوهر الحباب، كأنّه من ثغور الأحباب، وقد حضرنا مسمعٌ يجري مع النفوس لطافة فهو يعلم غرضها وهواها، ويغني لها مقترحها ومناها، فصيح لسان النقر، يشفي من الوقر، كأنّه كاتب حاسب، تمشق يمناه، وتعقد يسراه:

يحرّك حين يشدو ساكناتٍ ... وتنبعث الطبائع للسكون وكانت بين أبي إسحاق وبعض إخوانه مقاطعة، فاتفق أن ولي ذلك الصديق حصناً، فخاطبه أبو إسحاق برقعة، منها (١) : أطال الله بقاء سيّدي النبيهة أوصافه النزيهة عن الاستثناء، المرفوعة إمارته الكريمة بالابتداء، وما انحذفت ياء يرمي للجزم، واعتلت واو يغزو لموضع الضم، كتبت عن ودّ قديم هو الحال، لم يلحقها انتقال، وعهد كريم هو الفعل لم يدخله الاعتلال، والله يجعل هاتيك من الأحوال الثابتة اللازمة، ويعصم هذا بعدمن الحروف الجازمة، وأنا أستنهض طولك إلى تجديد عهدك بمطالعة ألف الوصل، وتعدية فعل الفصل، وعدولك عن باب ألف القطع، إلى باب الوصل والجمع، حتى يسقط لدرج الكلام بيننا هاء السكت، ويدخل الانتقال حال الصمت، فلا تتخيّل أعزّك الله أن رسم إخائك عندي ذو حساً (٢) قد درس عفاء، ولا أن صدري دار مية أمسى من ودّك خلاء (٣) ، وإنّما أنا فعلٌ إذا ثنّي ظهر من ضمير ودّه ما بطن، وبدا منها ما كمن، وهنيئاً أعزّك الله أن فعل وزارتك حاضر لا يلحق رفعه تغيير، وأن فعل سيفك ماضٍ ما به للعوامل تأثير، وأنت بمجدك جماع أبواب الظّرف، تأخذ نفسك العلية بمطالعة باب الصرف،


(١) الذخيرة: ١٧٦ والديوان: ٣٢٦ والمقتطفات: ٢٣.
(٢) إشارة إلى قول النابغة: " عفا ذو حساص من فرقتنا فالفوارع " وفي ك: دوحه قد درس.
(٣) إشارة أخرى إلى قول النابغة في وصف دارمية: " أمست خلاء وأمسى أهلها احتملوا ".

<<  <  ج: ص:  >  >>