للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لباب عبد سقته السّحب وابلها ... فلم يزل بكؤوس الأنس يسقيني

لا باعد الله عيني عن منازهه ... ولا يقرّب لها أبواب جيرون

حاشا لها من محلاّت (١) مفارقة ... من شيّق دونها في القرب محزون

أين المسير ورزق الله أدركه ... من دون جهدٍ وتأميل يعنّيني

يا من يزيّن لي الترحال عن بلدي ... كم ذا تحاول نسلاً عند عنّين

وأين يعدل عن أرجاء قرطبة ... من شاء يظفر بالدّنيا وبالدين

قطرٌ فسيحٌ ونهر ما به كدرٌ ... حفّت بشطّيه ألفاف البساتين

يا ليت لي عمر نوجٍ في إقامتها ... وأنّ مالي فيه كنز قارون

كلاهما كنت أفنيه على نشوا ... ت الراح نهباً ووصل الخرّد العين (٢)

وإنّما أسفي أنّي أهيم بها ... وأنّ حظّي منها حظّ مغبون

أرى بعيني ما لا تستطيل يدي ... له وقد حازه من قدره دوني

وأنكد الناس عيشاً من تكون له ... نفس الملوك وحالات المساكين

يغضّ طرف التصابي حين تبهته ... قضبان نعمان في كثبان يبرين

قالوا: الكفاف مقيمٌ قلت: ذاك لمن ... لا يستخفّ إلى بيت الزراجين

ولا يبلبله هبّ الصّبا سحراً ... ولا يلطّفه عرف الرياحين

ولا يهيم بتفّاح الخدود ورمّا ... ن الصّدور (٣) وترجيع التلاحين

لا تجتنى راحةٌ إلاّ على تعبٍ ... ولا تنال العلا إلاّ على الهون

وصاحب العقل في الدنيا أخو كدرٍ ... وإنّما الصفو فيها للمجانين

يا آمري أن أحثّ العيس عن وطني ... لمّا رأى الرزق فيه ليس يرضيني

نصحت لكنّ لي قلباً ينازعني ... فلو ترحّلت عنه حلّه دوني

لألزمن وطني طوراً تطاوعني ... قود الأماني وطوراً فيه تعصيني


(١) ق ط: مجلات.
(٢) ك: الحور والعين.
(٣) دوزي: النهود.

<<  <  ج: ص:  >  >>