للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال بعض (١) : إنّه أنفق على الجمع ثمانين ألف دينار، واشترى موضعه إذ كان كنيسة بمائة ألف دينا، فالله تعالى أعلم.

وقال بعض في ترجمة عبد الرحمن الداخل ما صورته: إنّه لما تمهّد ملكه شرع في تعظيم قرطبة، فجدد مغانيها، وشيّد مبانيها، وحصّنها بالسور، وابتنى قصر الإمارة والمسجد الجامع، ووسع فناءه، وأصلح مساجد الكور، ثم ابتنى مدينة الرّصافة متنزهاً له، واتخذ بها قصراً حسناً، وجناناً واسعة، نقل إليها غرائب الغراس وكرائم الشجر من بلاد الشام وغيرها من الأقطار، انتهى.

وكانت أخته أم الأصبغ ترسل إليه من الشام بالغرائب، مثل الرّمان العجيب الذي أرسلته إليه من دمشق الشام كما مرّ، وسيأتي كلام ابن سعيد بما هو أتم من هذا.

ولما ذكر ابن بشكوال زيادة المنصور بن أبي عامر في جامع قرطبة قال (٢) : ومن أحسن ما عاينه الناس في بنيان هذه الزيادة العامريّة أعلاج النصارى مصفّدين في الحديد من أرض قشتالة وغيرها، وهم كانوا يتصرّفون في البنيان عوضاً من رجّالة المسلمين، إذلالاً للشّرك وعزةً للإسلام، ولما عزم على زيادته هذه جلس لأرباب الدور التي نقلها أصحابها عنها بنفسه، فكان يؤتى بصاحب المنزل فيقول له: إن هذه الدار التي لك يا هذا أريد ابتياعها (٣) لجماعة المسلمين من مالهم ومن فيئهم لأزيدها في جامعهم وموضع صلاتهم، فشطّط واطلب ما شئت، فإذا ذكر له أقصى الثمن أمر أن يضاعف له، وأن تشترى له بعد ذلك دار عوضاً منها، حتى أتي بامرأة لها دار بصحن الجامع فيها نخلة، فقالت: لا أقبل عوضاً إلاّ داراً بنخلة، فقال: تبتاع لها دار بنخلة، ولو ذهب فيها


(١) ك: وقال بعض المؤرخين.
(٢) قارن بما ورد في مخطوط الرباط: ٣٠.
(٣) ك: أريد أن أبتاعها.

<<  <  ج: ص:  >  >>