للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإتقان والوثاقة، دون الزخرفة، ولم يقصّر - مع هذا - عن سائر الزيادات جودة، ما عدا زيادة الحكم. وأوّل ما عمله ابن أبي عام تطييب نفوس أرباب الدور الذين اشتريت منهم للهدم لهذه الزيادة بإنصافهم من الثمن، وصنع في صحنه الجبّ العظيم قدره، الواسع فناؤه، وهو - أعني ابن أبي عامر - هو الذي رتّب إحراق الشمع بالجامع زيادة للزيت (١) ، فتطابق بذلك النوران، وكان عدد سواري الجامع الحاملة لسمائه واللاصقة بمبانيه وقبابه ومناره بين كبيرة وصغيرة ألف سارية وأربعمائة سارية وسبع عشرة سارية، وقيل: أكثر، وعدد ثريّات الجامع ما بين كبيرة وصغيرة مائتان وثمانون ثريا، وعدد الكؤوس سبعة آلاف كاس وأربعمائة كأس وخمسة وعشرون كأساً، وقيل: عشرة آلاف وثمانمائة وخمس كؤوس، وزنة مشاكي الرصاص للكؤوس المذكورة عشرة أرباع (٢) أو نحوها، وزنة ما يحتاج إليه من الكتان للفتائل في كل شهر رمضان ثلاثة أرباع القنطار، وجميع ما يحتاج إليه الجامع من الزيت في السنة خمسمائة وربع أو نحوها، يصرف منه في رمضان خاصة نحو نصف العدد، وممّا كان يختصّ برمضان المعظّم ثلاثة قناطير من الشمع وثلاثة أرباع القنطار من الكتان المقطن لإقامة الشمع المذكور، والكبيرة من الشمع التي تؤخذ بجانب الإمام يكون وزنها من خمسين إلى ستين رطلاً، يحترق بعضها بطول الشهر، ويعم الحرق لجميعها ليلة الختمة، وكان عدد من يخدم الجامع المذكور بقرطبة في دولة ابن أبي عامر ويتصرف فيه من أئمة ومقرئين وأمناء ومؤذنين وسدنة وموقدين وغيرهم من المتصفين مائة وتسعة وخمسين شخصاً (٣) ، ويرقد من البخور ليلة الختمة أربع أواقٍ من العنبر الأشهب وثماني أواقٍ من العود الرطب، انتهى.


(١) ابن عذاري: للرسم.
(٢) ابن عذاري: عشرة أرباع القنطار.
(٣) مخطوط الرباط: ثلاثمائة رجل، وهو يوافق ما سيأتي من نقل عن ابن سعيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>