للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتّلاد، وأن نذكركم بوسيلته، وضعف حيلته، فبادرنا لذلك عملاً بالواجب، وسلوكاً من بره ورعي حقّه على السّنن اللاحب، وإن كنّا نطوقه في أمرنا عند الحادثة علينا تقصيراً، ولا نشكر إلاّ الله وليّاً ونصيراً، فحقّه علينا أوجب، فهو الذي لا يجحد ولا يحجب، ولا يلتبس منه المذهب، وكيف لا يشفع فيمن جعله السلف إلى الله تعالى شفيعاً، وأحلّه محلاًّ منيعاً رفيعاً، إلى وليّه الذي جبر ملكه سريعاً، وصير جنابه بعد المحول مريعاً، وجدّد رسومه تاصيلاً لها وتفريعاً، ومثلكم من اغتنم برّه في نصر مظلوم، وسبر مكلوم، وإعداء كرم على لوم، وهي منّا ذكرى تنفع، وحرص على أجر من يشفع، وإسعاف لمن سأل ما يعلي من قدركم ويرفع، وتأدية لحق سلفكم الذي توفّرت حقوقه، وإبلاغ نصيحة دينيّة إلى مجدكم الذي لا يمنعه عن المجد مانع ولا يعوقه، ومطلبه في جنب ملككم الكبير حقير، وهو إلى ما يفتح الله تعالى به على يد صدقتكم فقير، ومنهلكم الأروى، وباعكم في الخير أطول ساعدكم أقوى " وما تفعلوا من خيرٍ يعلمه الله " " وتزوّدوا فإنّ خير الزّاد التقوى " والله، عزّ وجلّ، يسلك بكم المسالك التي تخلد بالجميل ذكركم، تعظم عند الله أجركم، فما عند الله خير للأبرار، والدنيا دار الغرور والآخرة دار القرار، وهو سبحانه يصل سعدكم، ويحرس مجدكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، انتهى.

والسلطان المخاطب بهذا هو أبو فارس عبد العزيز ابن السلطان الكبير الشهير أبي الحسن المريني، وكان ابن مرزوق غالباً على دولة السلطان أبي سالم أخي أبي فارس المذكور، فقتله الوزير عمر بن عبد الله الفودودي، وتغلّب على الملك، ونصب أخاً لأبي سالم معتوهاً، وسجن ابن مرزوق، ورام قتله، فخلّصه الله تعالى منه، ثم إن السلطان أبا فارس ثار على الوزير المتغلّب وقتله، واستقل بالملك، فخوطب في شأن ابن مرزوق بما ذكر.

<<  <  ج: ص:  >  >>