إن الذي أصبحت طوع يمينه ... إن لم يكن قمراً فليس بدونه
ذلّي له في الحبّ من سلطانه ... وسقام جسمي من سقام جفونه وله شعر كثير. ومولده في ذي القعدة ليلة الثلاثاء لتسع بقين منه سنة ٣٥١، وتولى القضاء بمدينة بلنسية في دولة محمد المهدي المرواني، وقتله البربر يوم فتح قرطبة يوم الاثنين لست خلون من شوال سنة ٤٠٣، وبقي في داره ثلاثة أيّام، ودفن متغيراً من غير غسل ولا كفن ولا صلاة، رحمه الله تعالى.
وروي عنه أنّه قال: تعلقت بأستار الكعبة، وسألت الله تعالى الشهادة، ثم انحرفت وفكرت في هول القتل، فندمت وهممت أن أرجع فأستقيل الله سبحانه وتعالى فاستحييت. وأخبر من رآه بين القتلى ودنا منه فسمعه يقول بصوت ضعيف: لا يكلم أحد في سبيل الله، والله أعلم بمن يكلم في سبيله، إلاّ جاء يوم القيامة وجرحه يثعب دماً اللون لون الدم والريح ريح المسك كأنّه يعيد على نفسه الحديث الوارد في ذلك، قال: ثم قضى على أثر ذلك.
وهذا الحديث أخرج مسلم في صحيحه.
وقد ساق في المطمح حكايته فال: كان حافظاً عالماً كلفاً بالرواية، رحل في طلبها، وتبحر في المعارف بسببها، مع حظ من الأدب كثير، واختصاص بنظيم منه ونثير، حجّ وبرع، في الزهادة والورع، فتعلّق بأستار الكعبة يسأل الله الشهادة ثم فكّر في القتل ومرارته، والسيف وحرارته، فأراد أن يرجع ويستقيل الله تعالى فاستحيا، وآثر نعيم الآخرة على شقاء الدنيا، فأصيب في تلك الفتن مكلوماً، وقتل مظلوماً، ثم ذكر مثل ما مرّ.