للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولاالضالين. قال: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل (١)) ) .

ومن ذهب إلى أنّ قوله تعالى {بسم الله الرحمن الرحيم} أوّل آية من سورة الفاتحة؛ فيكون قوله تعالى {الحمد لله رب العالمين} الآية الثانية، وقد ذكروا مناسبة ورود الحمد بعد البسملة بأنه لما كانت البسملة نوعاً من الحمد ناسب تعقيبها وإردافها باسم الحمد الكليّ {الحمد لله} الجامع لجميع أفراده البالغ أقصى درجات الكمال (٢) . وهي مناسبة لطيفة سائغة.

وإضافة إلى ما سبق ذكره فبالنظر إلى ما من أجله سميت الفاتحة بأمّ القرآن لاشتمال محتوياتها على أنواع مقاصد القرآن وهي ثلاثة أنواع: الثناء على الله ثناء جامعاً لوصفه بجميع المحامد وتنزيهه عن جميع النقائص، ولإثبات تفرّده بالإلهية وإثبات البعث والجزاء، وذلك من قوله {الحمد لله رب العالمين} إلى قوله {مالك يوم الدين} ، والأوامر والنواهي من قوله {إياك نعبد} ، والوعد والوعيد من قوله {صراط الذين أنعمت عليهم} إلى آخرها، فهذه هي أنواع مقاصد القرآن (٣) . فبذلك كان الحمد لله هو أحد أركان هذه المقاصد بل من أولاها وأحراها بالتقديم لصلته وارتباطه بذات الله ـ تعالى ـ وإثبات صفات الكمال لها وتنزيهه عن كل نقص. وبهذا النظر يثبت للمتأمّل من هذه الجهة سرٌّ آخر من أسرار تقدّم الحمد ووجوده في هذا المقام الأعلى. والله أعلم بمراده.


(١) رواه مسلم في صحيحه: كتاب الصلاة – باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، حديث (٣٥) (صحيح مسلم بشرح النووي ج٢ ص٢٧) .
(٢) انظر: نظم الدرر في تناسب الآيات والسور للبقاعي ج١ ص ١٤؛ روح المعاني للآلوسي ج١ ص ٦٧.
(٣) انظر: التحرير والتنوير لابن عاشور ج١ ص ١٣٣.

<<  <   >  >>