للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الثالث:

في بيان قوله تعالى: {الذي خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور}

أخبر الله تعالى عن قدرته العظيمة الكاملة بخلق السموات والأرض وجعله الظلمات والنور، وإنّما خصّ خلق السموات والأرض بالذكر دون غيرهما من المخلوقات ـ في هذا المقام لكونهما أعظمها ولاشتمالهما على جملة الآثار العلوية والسفلية وعامة الآلاء والنعم الجليّة والخفيّة التي أجلّها نعمة الوجود الكافية في إيجاب حمده تعالى على كلّ موجود، هذا بالإضافة إلى ما فيهما من أنواع وفنون النعم الأنفسية والآفاقية المنوط بها مصالح العباد ومنافعهم في المعاش والمعاد (١) .

وأما الظلمات والنور فجمهور المفسرين على أن المراد بهما سواد الليل وضياء النهار (٢) ، وتخصيص جعلهما بالذكر في هذا المقام لاستواء جميع الناس في إدراكهما والشعور بهما (٣) ، مع كونهما أمرين خطيرين ونعمتين عظيمتين مرتبطتين بانتظام الحياة والمعاش على هذا الكون. قال الله تعالى {وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلاً من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب..} الآية (٤) .

لطائف:

الأولى: إنّ في ذكر هذه المخلوقات الأربعة (السموات والأرض والظلمات والنور) تعريضاً بإبطال عقائد كفار العرب من مشركين وصابئة ومجوس


(١) انظر: تفسير البغوي ج٢ ص ٨٣؛ تفسير أبي السعود ج٣ ص ١٠٤.
(٢) انظر: تفسير القرطبي ج٦ ص ٣٨٦.
(٣) انظر: التحرير والتنوير ج٧ ص١٢٧.
(٤) انظر: تفسير ابن كثير ج٢ ص ١٢٣. والآية بسورة الإسراء رقم:١٢.

<<  <   >  >>