للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثاني: في صلة آية الحمد بالآية بعدها]

يجيء بعد آية الحمد قوله تعالى {ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم} (١) وهو عطف على قوله تعالى {فاطر السموات والأرض...} الآية وتقديره: وفاتح الرحمة للناس وممسكها عنهم فلا يقدر أحد على إمساك ما فتحه ولا فتح ما أمسكه (٢) .

والرحمة المذكورة في الآية عامة في كل ما يرحم الله به خلقه من الإنعام الدنيوي والأخروي، وهي من مسوّغات العطف على ما قبلها، إذ إنّه ممّا يستحق به الحمد سبحانه رحمته بخلقه، والرحمة ـ بلا ريب ـ هي أمّ النعم وأصلها.

ومن ثمّ جاء الختم مناسباً بقوله تعالى {وهو العزيز الحكيم} ؛ وذلك لما حوته هذه الآية الكريمة من شأن فتحه تعالى لرحمته وإمساكها، فهو العزيز أي الغالب القادر على الإرسال والإمساك؛ وهو الحكيم الذي يرسل ويمسك ما تقتضي الحكمة إرساله وإمساكه (٣) .

لطيفة: قال الآلوسي: ((وفي اختيار لفظ الفتح رمز إلى أن الرحمة من أنفس الخزائن وأعزّها منالاً، وتنكيرها للإشاعة والإبهام)) (٤) .

وبهذه اللطيفة المفيدة يتمّ الكلام حول هذا الموضع.. ولله الحمد والمنة.


(١) سورة فاطر: الآية (٢) .
(٢) انظر: التحرير والتنوير لابن عاشور ج٢٢ ص ٢٥٢.
(٣) انظر: الكشاف للزمخشري ج٣ ص ٢٦٧.
(٤) روح المعاني للآلوسي: ج٢٢ص ١٦٤.

<<  <   >  >>