للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصل الرابع عشر: حمد الله ذاته الكريمة في فاتحة سورة التغابن]

[المبحث الأول: في وجه الحكمة بافتتاح السورة بهذه الآية]

...

الفصل الرابع عشر:

حمد الله ذاته الكريمة في فاتحة سورة التغابن

قال الله تعالى {يُسَبِّحُ لله ما في السموات وما في الأرض له الملك وله الحمد

وهو على كل شيء قدير} (١)

[المبحث الأول: في وجه الحكمة بافتتاح السورة بهذه الآية]

لَمّا كان أكثر ما احتوت عليه سورة التغابن هو إبطال إشراك المشركين بالله تعالى؛ وزجرهم عنه وعمّا يتفرّع منه من إنكارهم للبعث وتكذيبهم للرسول صلى الله عليه وسلم والقرآن الذي أنزل عليه، والتي تعدّ أصولاً لضلالهم بدأت السورة بالإعلان عن ضلالهم وكفرانهم بالمنعم عليهم سبحانه، وذلك ببيان أنّ ما في السموات وما في الأرض يسبِّح الله تعالى عمّا لا يليق بجلاله وكماله من الشرك به ومن كلّ شائبة نقص. أي وأنتم أيها المشركون بخلاف ذلك، ففيه معنى التعريض بالمشركين الذين لم ينزِّهوه ولم يوقِّروه فنسبوا إليه الشركاء والأنداد تعالى الله عمّا يقولون علواً كبيراً، مع ما يفيده ذلك ـ أيضاً ابتداءً ـ من تقرير تنزيه الله تعالى وقوّة سلطانه ليزداد الذين آمنوا إيماناً وليكون لهم تعليماً وامتناناً (٢) .

ويؤيِّد هذا المعنى الذي من أجله افتتحت هذه السورة بهذه الآية ما جاء بعدها مباشرة من قوله تعالى {هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن والله بما تعملون بصير} (٣) ؛ إذ هي تقرير لما أفادته وإبانة للمقصود على وجه التصريح بأنّ الذين


(١) سورة التغابن: الآية (١) .
(٢) انظر: التحرير والتنوير لابن عاشور ج٢٨ ص٢٦٠.
(٣) سورة التغابن: الآية (٢) .

<<  <   >  >>