للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أشركوا بالله قد كفروا بنعمته وبخلقهم زيادة على جحدهم دلائل تنزهه تعالى عن النقص الذي اعتقدوه له، ولذلك قدّم (فمنكم كافر) على (ومنكم مؤمن) لأن الشِّقّ الأوّل هو المقصود بهذا الكلام تعريضاً وتصريحاً (١) .

لطيفة:

إنّ مجيء فعل التسبيح في قوله تعالى {يسبح لله ما في السموات وما في الأرض} بصيغة المضارع للدلالة على تجدّده ودوامه، وقد سبق نظيره في فاتحة سورة الجمعة بقوله تعالى {يسبح لله ما في السموات وما في الأرض الملك القدوس العزيز الحكيم} ، (٢) وإنّما جيء به في فواتح سور المسبِّحات الأخرى (الحديد – الحشر – الصف) بصيغة الماضي للدلالة على أن التسبيح قد استقرّ في قديم الأزمان، فحصل من هذا التنوّع بين الماضي والمضارع كلا المعنيين المرادين (٣) والله أعلم بمراده.


(١) انظر: التحرير والتنوير لابن عاشور ٢٨ ص٢٦٢.
(٢) سورة الجمعة: الآية (١) .
(٣) انظر: التحريروالتنوير ج٢٨ ص ٢٦٠. وقال أبو يحيى زكريا الأنصاري في كتابه فتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرآن: ((عبّر هنا (أي في سورة الحديد) وفي الحشر والصف بالماضي، وفي الجمعة والتغابن بالمضارع، وفي الأعلىبالأمر، وفي الإسراء بالمصدر استيعاباً للجهات المشهورة لهذه الكلمة، وبدأ بالمصدر في الإسراء لأنه الأصل، ثم بالماضي لسبق زمنه، ثم بالمضارع لشموله الحال والمستقبل، ثم بالأمر لخصوصه بالحال مع تأخره في النطق به في قولهم: فعل-يفعل-افعل)) (فتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرآن ص ٥٥١) .

<<  <   >  >>