للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصل الأول: حمد الله ذاته الكريمة في فاتحة الكتاب]

[المبحث الأول: في وجه الحكمة بافتتاح الفاتحة بحمد الله ذاته الكريمة]

...

الفصل الأول:

حمد الله ذاته الكريمة في فاتحة الكتاب

قال الله تعالى: {الحمد لله رب العالمين} (١) .

المبحث الأول:

في وجه الحكمة بافتتاح الفاتحة بحمد الله ذاته الكريمة

مما يدلّ على عظم مقام الحمد عند الله ـ تعالى ـ أن افتتح به كتابه الكريم وصدّر آياته به.

هذا وقد اجتهد أهل التفسير في بيان أوجه الحكمة في ذلك، منها: أنّ نعمة تنزيل القرآن الكريم هي أعظم النعم الدالة على جلائل صفاته تعالى وكمالها؛ خاصة وأنّه قد اشتمل القرآن الكريم على كمال المعنى واللفظ والغاية؛ فكان افتتاحه أولى المواطن بثناء الله تبارك وتعالى على ذاته.

وهو في ذات الوقت أمرٌ لعباده بحمده وتذكير لهم بعظمة وجمال صفات منزِّله ـ سبحانه ـ وجزيل نعمته عليهم بإنزال كتابه عليهم وحفظه وتوفيقهم لتلاوته وسماعه وفهمه؛ وإذ فيه سعادتهم في الدارين (٢) .

ومنها ـ كذلك ـ أنّه لما كانت سورة الفاتحة مُنَزَّلةً من القرآن منزلة الديباجة من الكتاب، أو المقدّمة للخطبة، جعل افتتاحها بالحمد لله؛ وليكون سنة ماضية من بعد في افتتاح كل كلام مهم وعظيم، يقول ابن عاشور (٣) (رحمه الله تعالى) في


(١) سورة الفاتحة: الآية (١) أو (٢) على الخلاف المشهور هل البسملة آية من الفاتحة أم لا؟
(٢) انظر: تفسير الطبري ج١ ص ٤٦؛ التحرير والتنوير لابن عاشور ج١ ص ١٥٨.
(٣) هو محمد الطاهر بن عاشور (١٢٩٧-١٣٩٣?) : رئيس المفتين المالكيين بتونس، وشيخ جامع الزيتونة وفروعه بتونس، مولده ووفاته ودراسته بها. عيّن عام (١٩٣٢م) شيخاً للإسلام مالكياً، وهو من أعضاء المجمعين العربيين في دمشق والقاهرة. له مصنفات مطبوعة من أشهرها: مقاصد الشريعة – التحرير والتنوير في التفسير – أصول النظام الاجتماعي في الإسلام. (انظر: الأعلام للزركلي ج٦ ص ١٧٤) .

<<  <   >  >>