للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثاني: في صلة آية الحمد بما بعدها]

مطلب:

بعد أن حمد الله ذاته في الآية السابقة وأتبع بوصفها بربوبيته للسموات والأرض والعالمين أثبت لها ثلاث صفات جاءت في الآية التي تليها بقوله {وله الكبرياء في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم} (١) .

(فأولها) : صفة (الكبرياء) وهي مشتقة من الكِبْر، وجاءت على وزن

(فِعْلِيَاء) وهو بناء مبالغة (٢) . وقال الراغب (٣) في مفرداته: ((الكبرياء الترفّع عن الانقياد وذلك لايستحقه غير الله تعالى)) (٤) . ومن لوازم هذه الصفة لله تعالى العظمة والجلال والسلطان والعلوّ، وبها فسِّرت هذه الصفة عند أكثر المفسرين (٥) .

وقد دلّ من الآية على اختصاص الكبرياء به تعالى وحصره في ذاته الشريفة تقديم المجرور في قوله (وله الكبرياء) ، ومما دلّ عليه ـ أيضاً ـ ما روي في الصحيح عن أبي سعيد الخدري (٦) وأبي هريرة رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله صلىالله عليه


(١) سورة الجاثية: الآية (٣٧) .
(٢) انظر: لسان العرب لابن منظور ج٥ ص١٢٥-١٢٦؛ تفسير الثعالبي ج٤ ص١٤٨.
(٣) هو الحسين بن محمد بن المفضل، أبو القاسم الأصفهاني أو الاًصبهاني المعروف بالراغب: أديب من الحكماء العلماء، من أهل (أصبهان) سكن بغداد واشتهر حتى كان يقرن بالإمام الغزالي، توفي عام ٥٠٢?، من أشهر مؤلفاته: المفردات في غريب القرآن، محاضرات الأدباء، الذريعة إلى مكارم الشريعة. (انظر: بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة للسيوطي ص ٣٩٦؛ كشف الظنون لحاجي خليفة ج١ ص ٣٦؛ الأعلام للزركلي ج٢ ص٢٥٥) .
(٤) المفردات للراغب الأصفهاني ص ٤٢٢.
(٥) انظر: تفسير الطبري ج٢٥ ص٩٧؛ محاسن التأويل للقاسمي ج١٤ ص٣٩٨؛ فتح القدير للشوكاني ج٥ ص١٢؛ تفسير السعدي ج٧ ص٣٥.
(٦) هو سعد بن مالك بن سنان الخدري الأنصاري الخزرجي، أبو سعيد (١٠ق?–٧٤?) : صحابي جليل، كان من ملازمي النبي صلى الله عليه وسلم وروى عنه أحاديث كثيرة غزا اثنتي عشرة غزوة، وتوفي بالمدينة المنورة. (انظر: أسد الغابة في معرفة الصحابة لابن الأثير الجزري ج٢ ص٢١٣ ص١٤٢؛ الأعلام للزركلي ج٣ ص٨٧) .

<<  <   >  >>