للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثاني: في بيان موضع الحمد وغايته]

ولما ذكر الله تعالى ما ذكر من نعمه وآلائه على عباده مما جعلها دلائل لإثبات ألوهيته، ووصف بعدها ذاته المقدسة بما يدلّ على إحاطته بأوصاف الكمال والجلال ناسب أن يحمد ذاته الكريمة العليّة إثر ذلك إظهاراً وإثباتاً منه لاستحقاقه الحمد دون سائر ما يعبده المشركون ويتخذونهم أولياء من دونه فقال عزّ من قائل: {الحمد لله رب العالمين} ، وبلا شك أنّ في حمده لذاته في هذا المقام أمراً لعباده أن يحمدوه بما أنّه أهل للحمد والثناء على نعمائه وكمال أوصافه (١) .

ولصاحب نظم الدرر (البقاعي) (٢) نظرة سائغة لطيفة في مجيء الحمد في ختام هذه الآية وهي في محلّ الاعتبار، حيث نظر إلى ما حوته الآية من الأمر بالتوجّه إلى الله وعبادته وتوحيده فقال: ((ولمّا أمر بقصر الهمم عليه علّله بقوله

{الحمد لله رب العالمين} )) (٣) فهو قد جعل بكلامه ـ هذا ـ الحمد علّة لِما في الآية


(١) انظر: تفسير البغوي ج٤ ص١٠٤؛ التفسير الكبير للفخر الرازي ج٢٧ ص٨٤؛ محاسن التأويل للقاسمي ج١٤ ص٢٤٧؛ تفسير السعدي ج٦ ص٥٤٥-٥٤٦.
(٢) هو إبراهيم بن عمر بن حسن الرباط بن علي بن أبي بكر البقاعي، أبو الحسن برهان الدين (٨٠٩-٨٨٥?) : مؤرخ أديب مفسر، أصله من البقاع في سورية، سكن دمشق ورحل إلى بيت المقدس والقاهرة، وتوفي بدمشق، له مؤلفات عدة في التاريخ والأدب والتفسير. (انظر: الضوء اللامع لأهل القرن التاسع للسخاوي ج١ ص١٠١-١١١؛ شذرات الذهب ج٧ ص٣٣٩؛ البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع ج١ ص١٩؛ الأعلام للزركلي ج١ ص٥٦) .
(٣) نظم الدرر في تناسب الآيات والسور للبقاعي: ج٦ ص٥٣٣.

<<  <   >  >>