وبعد هذا التطواف في رحاب الآيات القرآنية التي حمد الله تعالى فيها ذاته المقدّسة ـ بأبلغ وجه وآكده في خمسة عشر موضعاً من أعظم المواضع وأشرفها مكاناً وبياناً ـ يدرك المتأمّل أهمية هذه الدراسة بما حوته من إظهار حِكَمه تعالى لحمده ذاته؛ إذ جاء في فاتحة كتابه وأربع سور غيرها وكانت جميعها في بدايات أرباع القرآن الكريم، كما ختم به سبحانه بعض السور وتخلّل بين الآيات في سور أخرى.
هذا وتنوَّعت حِكَم مجيء الحمد في مواضعه بين إثبات ربوبيّته وألوهيته تعالى، وإظهار أسمائه الحسنى وصفاته العليا، وعند ذكر أعظم نعمه سبحانه الدينية والدنيوية والأخروية، وعند ظهور الحقّ وإرشاد الخلق بإثبات الحجّة وقيام البيّنة، كما كان من حكَمه في ذكر ما أقامه عزّ وجلّ من نظم العدالة وتسخيره هذا الكون بما فيه من النعم، وإظهار الدلائل في الآفاق والأنفس..
وإني أقترح بعد هذه الدراسة أن تتبع بدراسة المواضع القرآنية الأخرى التي جاءت في شأن حمد الله تعالى من قِبَل ملائكته ورسله والمؤمنين، لِما فيه من إظهار جوانب مهمّة ومتمّمة.
فلله الحمد كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، وسبحانه لا نحصي ثناءً عليه.
وختاماً أسأل الله تعالى أن يتقبّل عملي هذا وأن يجعله حجّة لي في ميزان حسناتي يوم ألقاه. إنه وليّ ذلك والقادر عليه. وصلّى الله وسلّم وبارك على نبيّنا وسيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه أجمعين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.