للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثاني: في بيان حمد الله لذاته وصلته بما بعده]

اعتماداً على ما سبق ذكره بأنّ حمد الله ذاته الكريمة معطوف على تسبيحه لها؛ فإنّ الأوقات التي ذكرت هي محلٌّ لهما كذلك وهي أربعة أوقات:

(حين تمسون ـ حين تصبحون ـ عشياً ـ وحين تظهرون) وقد ذُكر في وجه تخصيصهما بتلك الأوقات أنّه للدلالة على أنّ ما يحدث فيها من آيات قدرته وأحكام رحمته ونعمته هي شواهد ناطقة بتنزهه تعالى واستحقاقه للحمد، وموجبة لتسبيحه وتحميده حتماً (١) .

أقول: وهذا الكلام في غاية الصحة وهو مبني على تأمّل وإدراك بالغ، ويضاف إليه ما أشار إليه ابن عاشور في أنّ هذه الظروف متعلّقة بما في إنشاء التنزيه من معنى الفعل، أي ينشأ تنزيه الله في هذه الأوقات وهي الأجزاء التي يتجزأ الزمان منها، والمقصود التأبيد أي على الدوام، وإنّما سلك مسلك الإطناب لأنه مناسب لمقام الثناء (٢) . وهي إشارة حسنة لا تتعارض مع ما ذُكِر قبلها.

هذا ويرى ابن عباس رضي الله عنهما أنّ تسبيح الله تعالى وتحميده في هذه الأوقات إشارة إلى الصلوات الخمس. (٣) وعلى هذا فالتعبير بالتسبيح


(١) انظر: تفسير ابن كثير ج٣ ص٤٢٨؛ تفسير أبي السعود ج٧ ص ٥٤-٥٥؛ تفسير الآلوسي ج٢١ ص٢٩.
(٢) انظر: التحرير والتنوير ج٢١ ص ٦٥.
(٣) انظر: تفسير ابن عباس ومروياته في التفسير من كتب السنة لعبد العزيز الحميدي ج٢ ص ٧١٨ –٧١٩. والأثر بهذا عن ابن عباس حسن الإسناد.

<<  <   >  >>