للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصل السادس: حمد الله ذاته في معرض إثبات إلهيته بآية سورة القصص]

[المبحث الأول: في بيان صلة الآية بما قبلها وغاية حمد الله ذاته فيها.]

...

الفصل السادس:

حمد الله ذاته في معرض إثبات إلهيته بآية سورة القصص

قال الله تعالى {وهو الله لا إله إلا هو له الحمد في الأولى والآخرة وله الحكم

وإليه ترجعون} (١)

[المبحث الأول: في بيان صلة الآية بما قبلها وغاية حمد الله ذاته فيها.]

هذه الآية الكريمة معطوفة على ما قبلها من قوله تعالى {وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون. وربك يعلم ما تكنّ صدورهم وما يعلنون} (٢) ؛ ذلك أنه بعد أن أخبر الله تعالى بأنه المنفرد بالخلق والاختيار وليس له في ذلك منازع ولا مزاحم ولا معقّب؛ ثم نزّه ذاته من أن يشرك به من الأصنام أو الأنداد التي لا تخلق ولا تختار شيئاً، ومن بعد أخبر أنه بسبب علمه لما تخفيه صدور عباده وما يعلنونه من أقوال وأفعال فهو المستحقّ والمنفرد بأن يختار لهم ما يشاء دون سواه.. بعد هذا البيان والإخبار منه ـ عزوجل ـ عطف عليه إثبات ألوهيته بقوله: (وهو الله لا إله إلا هو) ، وهو كالنتيجة والتقرير لما قبله؛ ذلك أنّ من كان بيده الخلق والتقدير والاختيار، ومن كان عليماً بخفايا الصدور وعلانية الأمور، فهو الإله الواحد الحق الذي لا يكون التوجه إلا إليه ولا تصرف العبادة إلاّ له، ولا يرجع في الحكم إلا لما يختاره ويقضي به.. ومن ثم أتبع إثباته لألوهيته بحمده ذاته الشريفة بقوله {له الحمد في الأولى والآخرة} ، وهو بمثابة الاستدلال والتعليل لثبوت إلهيته ونفيها عما سواه؛ ذلك أنّه تعالى هو الذي قد أحاط بكلّ أوصاف الكمال والجلال وهو المنعم على خلقه مؤمنهم وكافرهم فله الحمد والثناء التامّان في الدنيا والآخرة، وليس ذلك لشيء سواه؛ وبهذا فهو المستحقّ للألوهية وحده سبحانه (٣) .


(١) سورة القصص: الآية (٧٠) .
(٢) سورة القصص: الآيتان (٦٨-٦٩) .
(٣) انظر: تفسير ابن كثير ج٣ ص٣٩٧؛ تفسير القرطبي ج١٣ص٣٠٧؛ نظم الدرر البقاعي ج٥ ص٥١٣؛ تفسير الآلوسي ج٢٠ ص١٠٦؛ تفسير المهايمي ج٢ ص١٢٣؛ محاسن التأويل ج١٣ ص١٢٤؛ تفسير المراغي ج٢٠ ص٨٧؛ التحرير والتنوير ج٢٠ ص ١٦٦.

<<  <   >  >>