للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصل الرابع: حمد الله ذاته الكريمة عند إظهار الحجة في آية سورة النحل]

[المبحث الأول: في بيان الآية وصلتها بما قبلها]

...

الفصل الرابع:

حمد الله ذاته الكريمة عند إظهار الحجة في آية سورة النحل

قال الله تعالى {ضرب الله مثلاً عبداً مملوكاً لا يقدر على شيء ومن رزقناه منا رزقاً حسناً فهو ينفق منه سراً وجهراً هل يستوون الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون} (١) .

[المبحث الأول: في بيان الآية وصلتها بما قبلها]

لما نهى الله ـ تعالى ـ المشركين عن ضرب الأمثال المتضمنة للتسوية بينه وبين خلقه وهو ما جاء في قوله تعالى {ويعبدون من دون الله مالا يملك لهم رزقاً من السموات والأرض شيئاً ولا يستطيعون. فلا تضربوا لله الأمثال إنّ الله يعلم وأنتم لا تعلمون} (٢) فلمّا نهاهم عن ذلك ضرب ـ سبحانه ـ مثلاً (٣) له ولمن يُعبد من دونه من الأوثان والأصنام برجلين أحدهما عبد مملوك أي رقيق لا يملك نفسه ولا يملك من المال والدنيا شيئاً، والثاني حرّ غني قد رزقه الله رزقاً حسناً من جميع أصناف المال وهو كريم محبٌّ للإحسان فهو ينفق منه سراً وجهراً، وإظهاراً للحجة في هذا المثل المضروب قال تعالى بعده (هل يستوون) ، أي هل يستوي هذا وذاك؟! والجواب بلا شك: لا يستويان؛ مع أنهما مخلوقان وغير محال


(١) سورة النحل: الآية (٧٥) .
(٢) سورة النحل: الآيتان (٧٣-٧٤) .
(٣) في لسان العرب لابن منظور: ((ضرب الله مثلاً أي وصف وبيّن، وقولهم: ضرب له المثل بكذا إنّما معناه بيّن له ضرْباً من الأمثال أي صنفاً منها، وقد تكرر في الحديث ضرب الأمثال، وهو اعتبار الشيء بغيره وتمثيله به)) (لسان العرب: ج١ ص ٥٤٩-٥٥٠) . ولقد ذكر الله تعالى في كتابة ثلاثة وأربعين مثلاً في موضوعات شتى. ومن الكتب التي أفردت في هذا الباب كتاب (الأمثال في القرآن الكريم) لابن قيم الجوزية، وقد حقّقه: سعيد محمد نمر الخطيب، طبعة دار المعرفة ببيروت.

<<  <   >  >>