للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصل الثاني عشر: حمد الله ذاته الكريمة في آية سورة غافر]

[المبحث الأول: في صلة آية الحمد بما قبلها]

...

الفصل الثاني عشر:

حمد الله ذاته الكريمة في آية سورة غافر

قال الله تعالى {هو الحيّ لا إله إلا هو فادعوه مخلصين له الدين الحمد لله رب العالمين} (١)

[المبحث الأول: في صلة آية الحمد بما قبلها]

تجيء هذه الآية التي يحمد الله ذاته الشريفة في خاتمتها بعد آيات يذكر الله تعالى فيها عدداً من نعمه على عباده التي جعلها دلائل لإثبات ألوهيته ووحدانيته؛ وتوجيه الخلق إلى عبادته وحده والإخلاص له دون سواه. ولقد ابتدأت هذه الجولة من الآيات في ذكر دلائله في الكون والأنفس والآفاق من قوله تعالى {الله الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصراً إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لايشكرون} (٢) ،ثم يأتي بعدها قوله سبحانه {الله الذي جعل لكم الأرض قراراً والسماء بناء وصوركم فأحسن صوركم ورزقكم من الطيبات ذلكم الله ربكم فتبارك الله ربّ العالمين} (٣) ، ومن بعدها تجيء آية الحمد وتفتتح بوصفه تعالى (الحيّ) الدالّ والمستلزم لأوصاف الكمال والجلال من العلم والقدرة وغيرها مما يثبت استحقاقه التام لإلهيته ووحدانيته مع ما سبق ذكره من إنعامه وأفضاله. وكان هذا الوصف الجليل (الحيّ) كالمقدّمة والدليل لقوله بعده (لا إله إلا هو) ؛ وذلك لأنّ كل من سواه لا حياة له كاملة فهو معرّض للزوال والفناء، وبالتالي فكيف يكون إلهاً مدبراً للعالم؟!

وبعد اتضاح الدلالة على انفراده عزّوجلّ بالإلهية فرّع عليه الأمر بعبادته وحده بلا شريك فقال سبحانه {فادعوه مخلصين له الدين} (٤) .


(١) سورة غافر: الآية (٦٥) .
(٢) سورة غافر: الآية (٦١) .
(٣) سورة غافر: الآية (٦٤) .
(٤) انظر: التفسير الكبيرللفخر الرازي ج٢٧ ص٨٤؛ نظم الدرر في تناسب الآيات والسور ج ٦ ص٥٣٣؛ فتح القدير للشوكاني ج٤ ص٤٨٠؛ تفسير المراغي ج٢٤ ص٩٠؛ تفسير السعدي ج٦ ص٤٥٤؛ التحرير والتنوير لابن عاشور ج٢٤ ص١٩٢-١٩٣.

<<  <   >  >>