للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(أحدها) أنّ أكثر الناس وهم المشركون لا يعلمون ذلك المثل بما ظهر فيه من الحقّ واليقين مع كمال ظهوره فيبقون في شركهم وضلالهم (١) .

(ثانيها) أنهم لايعلمون أنه الله سبحانه هو الإله الحقّ المعبود الذي يجب أن يحمد دون سواه؛ فيشركون به غيره تبعاً لذلك (٢) .

و (ثالثها) أنهم لايعلمون ما يصيرون إليه من العذاب من جرّاء شركهم ولو أيقنوا حقاً لآمنوا ولما بقوا على شركهم ولكنّهم كذّبوا الله ورسوله صلىالله عليه وسلم (٣) .

أقول: وجميع هذه الوجوه سائغة ومحتملة، وتصدق كلها على حال أولئك المشركين. والله أعلم بمراده.

لطيفة:

إنّ في حمد الله ذاته الكريمة ـ في هذا المقام ـ تنبيهاً للمؤمنين به على أنّ ما لهم من مزيّة الإيمان هو من توفيقه وفضله تعالى؛ وأنّها نعمة جليلة وكرامة عظيمة موجبة عليهم أن يداوموا على حمده وإخلاص العبادة له، أو على أن بيانه تعالى بضرب المثل أنّ لهم المثل الأعلى وللمشركين مثل السوء صنع جميل ولطف تام منه عزّوجلّ مستوجب لحمده وإخلاص العبادة له أيضاً (٤) .

وبهذه اللطيفة يكمل الحديث عن هذا الموضع القرآني من مواضع حمد الله ذاته؛ ولله الحمد والمنة.


(١) انظر: تفسير الماوردي ج٣ ص٤٦٨؛ تفسير ابن كثير ج٤ ص٥٢؛ التفسير الكبير للفخر الرازي ج٢٦ ص٢٧٨؛ تفسير أبي السعود ج٧ ص٢٥٣.
(٢) انظر: الكشاف للزمخشري ج٣ ص٣٤٦؛ البحر المحيط لأبي حيان ج٧ ص٤٢٥؛ التفسير الكبير للفخر الرازي ج٢٦ص٢٧٨.
(٣) انظر: تفسير السعدي: ج٦ ص٤٦٩.
(٤) انظر: تفسير أبي السعود ج٧ ص٢٥٣؛ فتح القدير للشوكاني ج٤ ص٤٤٥.

<<  <   >  >>