للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الثاني:

في وجه الحكمة في إسناد الحمد إلى اسم الذات الإلهية

وما جاء بعده من أوصاف.

الذي يلحظه المتأمّل أنّ الحمد أُسْنِد أوّل ما أُسْنِد إلى اسم الذات الإلهية (الله) ؛ وهذا هو شأن الحمد في جميع مواضع ذكره في القرآن الكريم، والحكمة في ذلك ـ والله أعلم بمراده ـ التنبيه على استحقاقه تعالى للحمد أوّلاً لذاته لا لشيء غيرها، باعتبار أنها حائزة لجميع الكمالات الإلهية؛ وأنها مصدر جميع الوجود وما فيه من الخيرات والنعم (١) .

ومن بعد إسناد الحمد لاسم ذاته تنبيهاً على الاستحقاق الذاتي أتبعه ـ سبحانه ـ بأربعة أوصاف له تعالى؛ ليؤذن باستحقاقه الوصفي للحمد ـ أيضاً ـ كما استحقّه بذاته؛ وذلك باعتبار تعلّقها وآثارها (٢) .

وهذه الأوصاف أوّلها (ربّ العالمين) وقد تكرّر هذا الوصف لله تعالى في القرآن الكريم بشأن استحقاق الحمد في سبعة مواضع (٣) ، ولا ريب أنّ هذا يدلّ على


(١) انظر: تفسير أبي السعود ج ٣ ص ١٠٤؛ نظم الدرر في تناسب الآيات والسور للبقاعي ج١ ص ١٤؛ تفسير المنار لمحمد رشيد رضا ج١ ص ٥٠؛ التحرير والتنوير لابن عاشور ج١ ص ١٦٦.
(٢) انظر: تفسير المنار لمحمد رشيد رضا ج١ ص٥٠؛ التحرير والتنوير لابن عاشور ج١ ص ١٦٦.
(٣) في سورة الفاتحة، وسورة يونس الآية (١٠) في قوله {..وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين} ، وفي سورة الصافات الآية (١٨٢) في قوله تعالى {والحمد لله رب العالمين} ، وفي سورة الزمر الآية (٧٥) بقوله {وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين} ، وبسورة غافر الآية (٦٥) في قوله {فادعوه مخلصين له الدين الحمد لله رب العالمين} ، وفي سورة الجاثية الآية (٣٦) بقوله {فلله الحمد رب السموات ورب الأرض رب العالمين} .

<<  <   >  >>