للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا المقام إذ يقول: ((في ذكر هذه الأسماء بعد الحمد، وإيقاع الحمد على مضمونها ومقتضاها ما يدلّ على أنّه محمود في إلهيته، محمود في ربوبيته، محمود في رحمانيته، محمود في ملكه، وأنه إله محمود، ورب محمود، ورحمان محمود، وملك محمود. فله بذلك جميع أقسام الكمال: كمال من هذا الاسم بمفرده، وكمال من الآخر بمفرده، وكمال من اقتران أحدهما بالآخر..)) (١) .

الثانية: وفي وجه افتتاح الفاتحة بالحمد دون التسبيح مع كون التخلية مقدّمة على التحلية قال الفخر الرازي: ((إنّ التحميد يدلّ على التسبيح دلالة التضمّن، فإن التسبيح يدلّ على كونه مبرءاً في ذاته وصفاته عن النقائص والآفات، والتحميد يدلّ مع حصول تلك الصفة على كونه محسناً إلى الخلق منعماً عليهم رحيماً بهم، فالتسبيح إشارة إلى كونه تعالى تاماً والتحميد يدلّ على كونه تعالى فوق التمام)) (٢) .

والثالثة: في وجه تقديم الرحمن على الرحيم بقوله تعالى: {الرحمن الرحيم} يقول ابن عاشور: ((تقديم الرحمن على الرحيم لأنّ الصيغة الدالة على الاتصاف الذاتي أولى بالتقديم في التوصيف من الصفة الدالة على كثرة متعلّقاتها)) (٣) .

وبهذه اللطائف المفيدة المعتبرة أختم الحديث عن هذا الموضع من مواضع حمد الله ذاته الكريمة، وهو فاتحة المواضع كما هو فاتحة الكتاب ولله الحمد والمنة.


(١) مدارج السالكين: ج١ ص ٣٥.
(٢) التفسير الكبير للفخر الرازي: ج١ ص ٢٢٤.
(٣) التحرير والتنوير لابن عاشور: ج١ ص ١٧٢.

<<  <   >  >>