- والحميد هو الله تعالى، وهو من صفاته العليا وأسمائه الحسنى، بمعنى المحمود على كلّ حال (١) .
- وقد اختلف في الحمد والشكر والمدح هل هي ألفاظ متباينة أم مترادفة أم بينها عموم وخصوص مطلق أو من وجه؟ فمن قال بالتباين نظر إلى ما انفرد به كل واحد منها من المعنى، ومن قال بالترادف نظر إلى جهة اتحادها واستعمال كل واحد منها في مكان الآخر، وأما من قال باجتماعها وافتراقها ما بين خصوص وعموم فقد نظر إلى الأمرين المذكورين آنفاً. وهذا هو الأولى وهو ما عليه الأكثر. وعلى هذا فيسوغ ـ ههنا ـ النظر إلى ما تميّز به كلّ لفظ عن الآخر وبيان الفرق بينها؛ لما يترتّب عليه من وضع رسم وحدٍّ لمعنى حمد الله تعالى الذي هو مقصود هذا البحث وغايته.
- أما الفرق بين الحمد والشكر فخلاصة ما قيل فيه أن الحمد هو الثناء على المحمود بجميل صفاته وأفعاله وإنعامه؛ والشكر هو الثناء على المحمود بإنعامه فقط. وعلى هذا فالحمد أعمّ من الشكر فكلّ شكر حمد وليس كل حمد شكراً. ولذلك ورد حمد الله تعالى نفسه ولم يرد شكرها.
وأما الفرق بين الحمد والمدح فإن المدح أعم من الحمد؛ وذلك لأن المدح يحصل للعاقل ولغير العاقل، ولايلزم فيه كون الممدوح مختاراً، ولهذا يكون وصف اللؤلؤة بصفائها مدحاً لا حمداً، وقد يكون المدح ـ أيضاً ـ عن ظن وبصفة
(١) انظر: لسان العرب لابن منظور ج٣ ص ١٥٥ – ١٥٧؛ مختار الصحاح للرازي ص ١٥٣؛ تهذيب الصحاح لمحمود الزنجاني ج١ ص٢١٥؛ ترتيب القاموس المحيط للطاهر الزاوي ج ١ص ٧٠٢-٧٠٤؛ المفردات للراغب الأصفهاني ص١٣١؛ الكليات لأبي البقاء الكفوي ص ٣٦٥.