للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما شيخ هذه المدرسة فهو محمد بن علي بن الحسين بن البر التميمي الغوثي، ولد بصقلية ثم رحل عنها في طلب العلم إلى المشرق، وكان اكثر عنايته موجها إلى دراسة اللغة، فدرسها على جماعة من اللغويين منهم النجيرمي وأبو سهم محمد بن علي الهروي اللغوي، وصالح بن رشدين وعلى هذا الأخير سمع شعر ابي الطيب المتنبي سنة ٤١٣هـ؟ (١) . وواضح أنه استفاد اكثر معرفته اللغوية في مصر حتى اصبح أحد الأئمة في علم العربية واللغة والآداب وجمع إلى ذلك جودة الضبط وحسن الخط، وشهد له مترجموه بان كل ما وجد له من تقييد في غاية الإفادة والإمتاع، وفي سنة ٤٠٥هـ اتفق مع أبي طاهر التجيبي البرقة ان يغادروا مصر معاً من الإسكندرية إلى المغرب قال التجيبي " واتفق له بعد مفارقتي ان صحب فتيانا من أهل القيروان فالفهم واثر صحبتهم، وقد أقلعنا من الإسكندرية في يوم واحد بريح طيبة وتغيرت من بعد (٢) ... وفي نهاية الرحلة عادا فالتقيا بالمهدية ".

ولما عاد إلى صقلية اختار مازر مقاماً، واتصل بصاحبها ابن منكود، فقربه واكرمه، وفي مازر ورد عليه الطلاب يدرسون اللغة ويحدثنا أندلسي من الراحلين إليه في طلب العلم انه حضر إلى مازر ليدرس عليه فصادف في ذلك الوقت ان علم ابن منكود بان ابن البر يشرب الخمر فتأثر من ذلك وأرسل إليه من يقول له " إننا إنما أردناك لعلمك ودينك واردنا منك الصيانة وإذا كان ولابد من شرب الخمر فهذا النوع ببلرم وربما يعز وجوده هنا " (٣) وخجل ابن البر من هذا القول وأحس أن مازر تضيق به وتتبرم بوجوده، فأرتحل عنها إلى بلرم، وهناك أخذ يدرس اللغة. والظن أن تلميذه علي بن جعفر السعدي المعروف بابن القطاع درس عليه فيها، وكذلك فعل أبو العرب


(١) التكملة رقم ١٠٥١.
(٢) انظر شرح المختار من شعر بشار: ٢٥٣ - ٢٥٤.
(٣) إنباه الرواة مجلد ٢ الورقة ٢٤٦ وما بعدها.

<<  <   >  >>