للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٣ - هجرة الكتب إلى صقلية

وكانت الكتب التي يتداولها الطلبة والأساتذة مما يرد على الجزيرة من بلاد المشرق والأندلس والقيروان أو مما يؤلفه الأساتذة أنفسهم. وإذا استطعنا ان نعرف الكتب الواردة التي راجت في صقلية، أو أمثله منها على الأقل، كان كذلك خير معين لنا على تصور الثقافة السائدة في الجزيرة وعلى مدى الامتزاج والتفاعل في تلك الثقافة. وقد كانت الكتب ترحل كالناس في بطء وتتحرك من مكان إلى آخر في أناة، وربما كان انتقال كتاب من بلد إلى آخر حدثاً يستحق التاريخ. فليس بغريب أن يصرح ابن القطاع الصقلي حين سأله المصريون عن كتاب " الصحاح " للجوهري بان الكتاب لم يصل إليهم في صقلية (١) .

ويحدثنا ابن رشيق أن أول من ادخل كتاب " اليتيمة " للثعالبي إلى القيروان هو أبو الفضل محمد بن عبد الواحد البغدادي الدرامي سنة ٤٣٩هـ؟ (٢) ، ولما رحل ابن البر الصقلي إلى المشرق كان كتاب اليتيمة أحد مروياته عن شيخه أبي محمد إسماعيل بن محمد النيسابوري، وعنه تلقاه في صقلية تلميذة ابن القطاع (٣) .

وقد دخلت " المدونة " في الفقه المالكي عند فتح صقلية او بعيد ذلك بقليل، وكان كل نشاط الفقهاء يدور حولها اختصاراً وشرحاً، وبياناً لما فيها من غريب، ونسجاً على منوالها. وظل الأمر كذلك حتى آخر أيام العرب في صقلية. وبديهي ان موطأ كان يدرس في صقلية أيضاً ويقوم بتدريسه محدثون


(١) القفطي، انباه الرواة ١/ ٥٣٦.
(٢) ابن بسام، الذخيرة ٤ مجلد ص ٦٨.
(٣) ابن ظافر، بدائع البداية على هامش معاهد التنصيص ١/ ٩٢.

<<  <   >  >>