للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلى المشرق فدرس على أساتذة مشهورين، ورجع يحمل إجازات كثيرة، أو كاتب هؤلاء الأساتذة دون ان يرحل، واستجازهم كتبهم، أو طمح إلى زيارة الكعبة فالتقى في رحلته بالشيوخ المشهورين، فسمع منهم وتلقى عنهم، وعاد إلى بلده، فزادت الرحلة من مكانته، واعتقد الناس انه قد اصبح علماً يقصد لعلمه. وكانت مصر مهبط كثير من هؤلاء الراحلين في طلب العلم لعلاقتها بصقلية، ولنشاطها العلمي، ولأنها على الطريق إلى الحجاز.

وإذا استأنسنا بما رواه المازري عن نفسه في تأليف كتاب " المعلم " قدرنا أن المدرسين كانوا يلقون العلم إلى الطلبة إملاء، وان الطلبة كانوا يدونون ما يلقى إليهم من محاضرات، ثم يكون من بعد ذلك كتاب ينتشر باسم الأستاذ الذي أملاه (١) .

وقد أشار ابن حوقل إلى أن صبيان المكتب كانوا كثيرين (٢) . وتحدثنا إحدى الروايات الموسومة بشيء من التفصيل ان عدد الطلبة كان يصل أحياناً إلى ثمانين طالباً في الحلقة الواحدة، وان هذا العدد كان يضم طلبة من بلدان مختلفة (٣) وهو عدد ضئيل إذا قارناه بما روى عن مجالس بعض الأعلام كالجويني فقد كان يجلس في حلقة درسه كل يوم نحو من ثلاثمائة رجل من الأئمة ومن الطلبة (٤) .

ولم تكن علاقة التلميذ بأستاذه دائما نوعاً من العرفان بالجميل فقد كان الطالب أحياناً ينشق على استاذه، وينبه على اوهامه، ويعيب عليه بعض آرائه (٥) ، أو يسيء الأدب معه ويتتبع سقطاته (٦) .


(١) ابن الأبار، التكملة رقم ١٥١٢.
(٢) ابن حوقل ١/ ١٢٧.
(٣) ابن بشكوال، الصلة رقم ٣٥١.
(٤) السبكي، طبقات الشافعية ٣/ ٢٥٥.
(٥) centenario ١/ ٣٧٣ نقلا عن كتاب ترتيب المدارك.
(٦) المصدر السابق: ٣٨١.

<<  <   >  >>