للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قدرنا أن الذين قتلوا هم العبيد في الجيش. ومن كثرة العبيد والعناصر المحلية في الجيش أصبح الوالي في أيام بني الأغلب عاجزاً عن أن يسوسه أو يتحكم في أمره وزاد عنف الجنود وتحكموا في شئون السياسة حتى جاء ابن قرهب فنصح الخليفة الفاطمي بأن يكبح من جماح العسكر الصقلي بجيش خارجي، وأصبحنا نسمع في صقلية بجيش الأفريقيين وأغلبهم من كتامة. ثم كان من أسباب فساد الجيش أيام الكلبيين إعطاؤهم اقطاعات بدلا من النقود.

[٣]

- الأجناس التي دخلت صقلية

تلك هي حال الذميين أما العناصر الإسلامية الجديدة التي دخلت الجزيرة فاتحة أو مهاجرة، أو منفية، أو لاجئة، فكانت خليطاً ضخماً من جنسيات عدة منها ما ينسب إلى أصول بلدية كالشامي والسوسعي والباغاني، ومنها ما ينسب إلى اصول قبلية كالكلبي والقيسي والكتامي واللواتي، ومنها ما ينسب إلى الحرفة كالوثائقي والغضائري والخراز. وكانت بلرم تعكس صورة هائلة من هذا الخليط المتموج المتحرك، منذ أول عهدها بالفتح العربي. وقبل ابن حوقل بمائة عام تقريباً وصفها الراهب ثيودوسيوس بقوله: " حافلة بالناس من أهلها والغرباء حتى كأنه قد اجتمع فيها كل المسلمين من شرق إلى غرب ومن شمال إلى جنوب، وبين أهلها من صقليين وإغريق ولمباردين ويهود ترى العرب والبربر والفرس والتتار والزنوج، بعضهم يرتدي العباءة والعمامة، وبعضهم يلبس الجلود وفيهم أنصاف عراة وثمة وجوه مستطيلة أو مربعة أو مستديرة من كل سحنة وهيئة، ولحى من كل لون طويلة أو قصيرة " (١) .

وقد أضاف ابن حوقل إلى هؤلاء ذكر الصقالية وكان لهم في بلرم حارة مستقلة، اما اليهود فكانوا مستقلين أيضاً بحارتهم، وربما كان المركز التجاري


(١) Amari: S. D. M. vol.٢.p.٤٩

<<  <   >  >>