للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٢ - وصف القصور والمتنزهات

ولأتناول من هذا الشعر ما يتصل بوصف القصور والمتنزهات فإنه الموضوع الذي يبدو - لأول وهلة - أنه مليء بالحياة، وهذا يضطرني أن ألم عاجلا بشيء من حال بلرم نفسها ومن قصورها ومتنزهاتها التي جدت في العصر النورماني. ولا شك في أن البساتين والمياه والأرجاء والقصور كانت أهم مظهر للمدينة في العصر الإسلامي واستمر هذا المظهر وازداد في العصر الذي يليه، وشهادة المعاصرين فيه تكفي في هذا المقام. يقول الإدريسي (١) : " والمياه بجميع جهات صقلية مخترقة، وعيونها جارية متدفقة، وفواكهها كثيرة ومبانيها ومتنزهاتها حسنة تعجز الواصفين، وتبهر عقول العارفين، وهي بالجملة فتنة للناظرين " ز وجاء بعده ابن جبير فلم يملك نفسه من إظهار إعجابه بها (٢) " فما شئت بها من جمال مخبر ومنظر، ومراد عيش يانع أخضر. عنيقة أنيقة، مشرقة مونقة، تتطلع بمرأى فنان، وتتخايل بين ساحات وبسائط كلها بستان؟ يشقها نهر معين وتطرد في جنباتها أربع عيون، قد زخرفت فيها لملكها دنياه؟ (فهو) يتقلب من بساتينها وميادينها بين نزه وملاعب. فكم له فها - لاعمرت به - ممن مقاصير ومصانع؟ إلخ " ويقول هوجو فلقندو (٣) " ومن ذا الذي يستطيع أن يعبر عن إعجابه بالبنايات المدهشة في هذه المدينة وبكثرة ينابيعها المنبثقة هنا وهناك، وحلاوة أشجارها الدائمة الخضرة وقنواتها التي تمد السكان بما يحتاجون، ومن ذا الذي يستطيع أن يستوفي وصف جمال السهل الأفيح؟ يا للسهل البهج السعيد


(١) نزهة المشتاق في المكتبة: ٢٩ وانظر في هذه الصفحة وصف قصر رجار.
(٢) ابن جبير والمكتبة: ٩١.
(٣) G. Waern؛ Me. Sicily P. ٨١ - ٨٣

<<  <   >  >>