الذي يحمل في أحضانه كل نوع من الأشجار والثمار، ويبدي للعين أنواع المباهج، ويسحر كل ناظر ويخلب قلبه، فلا ينفك من رآه يصبو إلى مناظرة، هناك ترى الكروم التي قد أرسلت فروعها واسترسلت في خضرتها، وهناك جنات يثني المرء على آلائها وأبراجها المخصصة للفرجة والحراسة، وهناك أرحاء الماء ودلاؤه صاعدة هابطة؟ " ويمضي فلقندو في هذا الاستقصاء فيذكر أنواع الثمار من الرمان الحلو والحامض والليمون والبرتقال واللوز وأنواع التين والزيتون والنخيل والقصب.
أما القصور فقد بني منها ملوك النورمان قصر الفوارة وقصر العزيزة وقصر القبة وكثيراً غيرها، وقد أمر رجار بأرض واقعة على فرسخ من لرم، فجعل هناك بركة، وأمر بأن يوضع فيها السمك من كل نوع وعلى مقربة منها بني قصراً جميلا رائعاً هو الذي عرف بقصر الفوارة، كان يمكث فيه أيام الشتاء وأثناء الصوم لكثرة السمك هنالك. أما في الصيف فكان يفر من الحرارة ويقصد المتنزه ليسلى نفسه بالصيد. والمتنزه جبال وغابات حول بلرم أحاطها رجار بالأسوار، وجعل منها متنزهاً جميلاً غرست فيه أنواع الأشجار وربيت بينها الحيوانات، وعنده بني قصراً يجلب إليه الماء بالقنوات الأرضية (١) وليس هنا مكان وصف الفن المعماري والفسيفساء في هذه القصور، أو الآثار الإسلامية فيها، فذلك موضوع متصل بالفن، ولكن هذه الصورة الوصفية تهيئ الجو لتناول الشعر الصقلي الذي قيل في وصف القصور والمتنزهات.
في هذا الجو عاش البثيري الصقلي فهو يصف المباني التي أنشأها رجار في قصيدة يمدحه بها فيقول: