عطرنَ أنفاس الصبا ... عند الصبيحة والعشيه والشاعر يذكر في هذه القصيدة المنزل والملعب والرياض والأسود التي تتدفق المياه من أفواهها، ثم يلتفت ألوان الأزهار وعطرها الذائع في الصباح والمسا - " يذكر " فقط ولا شيء وراء هذا الذكر لأنه أعجز من أن يعبر عن إعجابه فهو يطلب إلينا أن نعجب بكل هذه الروائع، وهو كشعراء الطبيعة في العصر السابق ينظر إلى الأجزاء ويعدها، إلا أن الفرق بينه وبينهم أنه هنا غير مهتم بالتشبيه اهتمامهم، ليس لأنه عاجز عن توضيح هذه العناصر بما يقاربها، ولكن لأنها اقوى منه فغلبته بفكرة تفوقها، وأن لا شيء يدانيها، فاللعب يزهو على كل المباني، والرياض الأنف تزهو بها الدنيا، ومنزلها قد أكمل الرحمن زيه، وبيئته الشاعر الدينية قد أسعفته شيئاً ما في تصوره الجنة مثالاً أعلى لهذه القصور والمتنزهات البديعة، ومع ذلك فاي فرق بين هذا الوصف وبين قطعة فلقندو في تعداد أنواع الثمار ومحاولته الإفضاء بإعجابه بتلك المناظر والقصور؟ بل وربما كانت قطعة فلقندو أكثر انفعالاً من قطعة البثيري.
وعرض البثيري الشاعر قصيدته هذه على ابن بشرون وطلب إليه أن يعمل على وزنها ورويها فقال: