٣ - ابن الخياط وحياة الحرب والفتن أيام الكلبيين
هذا العهد الطويل الذي قضاه ابن الخياط في صقلية على أبواب أمرائها جعله شاعر بني أبي الحسين، فهو يسجل لهم حياتهم الحربية والسياسية - الحياة التي تعد أبرز شيء في تاريخ صقلية.
ففي شعره وصف للمعارك كقوله من قصيدة يمدح بها انتصار الدولة:
ويا ربٌ يومٍ له مسْعر ... إذا خمدت نارُهُ أوْقدا
تخافُ به الرجل ممن أختها ... ولا تأمن اليدُ فيه اليدا
وترمي رجالٌ بأعضائهم ... فمثنى تراهن أو موْحدا
ترى السيف عُريانَ من غمدِهِ ... وتحسبهُ من دمٍ مغْمدا وهو يسجل انتصارتهم ويتحدث عن بعض الطامحين الثائرين عليهم كقصيدة قالها ظفر انتصار الدولة بخارجي خرج عليه:
ظنّ الإمارة ظُلةً فإذا بها ... حْربٌ يكاد أوارها يتأجج
ومهّندّات كالعقائق ماؤها ... مترَقْرِق ولهيبها متأجج
لا تستقر العينُ فوقَ مُتُونها ... فكأنما هي زئبق كتدحرجُ
ومداعس للخيل يرْمحُ وسطها ... من غير فارسه طمرٌّ مُسْرَج
عْقْرى وسالمةً تعاثرُ في القنا ... العسْجديُْ وذو الخمار وأعوج
طرحت فوارسَها على أذقانهمْ ... طرْحَ الكعاب فمفرَد أو مزوج
في موطن سلب الحليم وقارَهُ ... فكأنما هو مستطارٌ أهْوَج ويصف ضيق الأرض على الفريق المنهزم الخائف ويصور ذعره وفزعه بقوله:
في مثل يوم الحساب تحْسبهم ... سكرى وكالسكر بعض ما شُرِبا
كأنما أرضهم قلوبهمُ ... فكلها قد أحيل فاضطربا